دراسات و أبحاث

تقرير الفيدرالية السورية لحقوق الانسان حول قيام الحكومة التركية بحربها الجديدة على سورية والسوريين عبر تخفيض كميات مياه الفرات عن سورية، ونقصان مياه الشرب والطاقة الكهربائية وانتشار الجفاف

أنتبه, فتح في نافذة جديدة. صيغة PDFطباعةأرسل لصديقك

كتبها Administrator السبت, 15 أغسطس 2020 23:04

تقرير

حول قيام الحكومة التركية بحربها الجديدة على سورية والسوريين

عبر تخفيض كميات مياه الفرات عن سورية، ونقصان مياه الشرب والطاقة الكهربائية وانتشار الجفاف

 

مقدمة لابد منها:

بدأت تركيا حرب المياه على سورية بتخفيض كميات مياه نهر الفرات القادمة إلى سورية منذ أكثر من شهرين، وتم إطلاق العديد من النداءات والتحذيرات من نقصان في مياه الشرب والطاقة الكهربائية وانتشار الجفاف.

وتعاني المناطق الشرقية والشمالية الشرقية السورية وخاصة على ضفاف نهر الفرات من شحّ المياه، بسبب حجز مياه نهر الفرات من الطرف التركي، مما يزيد المخاوف من انتشار الأوبئة والأمراض وخاصة بوجود فيروس كورونا .

استمرت معاناة سكان شمال شرق وشرق سورية، بمختلف مكوناتهم، منذ اندلاع الحرب السورية، والتي سببتها حكومة انقرة واستغلتها، لتنفيذ أجنداتها في المنطقة، وترحيل السكان الأصليين من الأكراد في تلك المناطق، حيث أطلقت عدة عمليات عسكرية ضدهم، سقط بنتيجتها الالاف من الضحايا وتم تهجيرالالاف من المدنيين.

لقد قامت قوات الاحتلال التركية بممارسة كل أنواع الاعتداء والحقد والكراهية بحق الكورد السوريين وسكان شمال وشرق سورية، وأضافوا الى جرائمهم وانتهاكاتهم جريمة جنائية جديدة بقطعهم مياه نهر الفرات علاوة على كل اشكال القصف والخطف والقتل والتهجير و”التتريك ”وسرقة وتخريب المعالم الاثرية.

فقد تعمدت الدولة التركية خفض معدل مياه نهر الفرات بنسبة 60% من إجمالي الكمية التي تُضخ إلى الأراضي السورية على مدى عقود, مع ارتفاع درجات الحرارة وحلول الصيف حيث موسم زراعة البساتين والأراضي الزراعية، وتحولت ضفاف النهر ـ الذي تُضخ منه مياه الشرب إلى عشرات المدن والبلدات ـ إلى أرضٍ قاحلة منذ أكثر من شهريين، إذ تقلص عرض النهر من 4 كم إلى 2 كم من مدخل النهر للأراضي السورية بالقرب من مدينة جرا بلس الى كل حوض الفرات.

أن المبادئ التي ينظم القانون الدولي ملكية الموارد الطبيعية من خلالها هي:

- السيطرة الوطنية على الموارد الطبيعية, حسب نص المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية للدول لعام 1974م .

- السيطرة الوطنية المشتركة على الموارد: ويدعو هذا المبدأ إلى أن تتقاسم الدول الموارد المشتركة بينها طبقاً لطرق تتسم بالعدالة والمساواة، ويؤكد هذا المبدأ ما ورد في المادة الثالثة من ميثاق الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية للدول لعام 1974م.

أن القانون الدولي ينظم قواعد التعامل بين الدول في إطار احترام السيادة لكل منها، وذلك في حالة عدم وجود اتفاقيات بين هذه الدول وهذا ما كان علية الحال بالنسبة للأنهار الدولية حتى ايار 1997عندما أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية دولية جديدة تنظم الاستخدامات غير الملاحية للمجارى المائية الدولية، وقواعد هلسنكي ، وإن المبادئ القانونية التي تحكم استغلال الأنهار الدولية بشكل منصف والتوزيع العادل لمياه شبكة الأنهار الدولية في غير شئون الملاحة, هي:

· إقرار حق الدول التي يمر بها جزء من الأنهار الدولية في استخدام النهر بشرط ألا يضر هذا الاستخدام الدول الأخرى الشريكة في النهر.

· تطبيق مبدأ المساواة في الحقوق.

· الحرص على عدم إجراء أية تغييرات في نظام النهر بدون الاتفاق مع باقي دول النهر.

· عند الاختلاف بين بلدان النهر الواحد يعرض النزاع للتحكيم الدولي.

أما طرق تقسيم المياه بين البلدان المتشاطئة، فقد تم الاستناد إلى وثائق الأمم المتحدة سواء فى المعاهدات أو الاتفاقيات التي تم عقدها بين الدول المعنية وحدد القانون الدولي مبادئ تحكم نظم المياه الدولية وهي:

· للدول المتشاطئة حق السيادة في استخدام المياه بالحق المماثل لكل دولة.

· التوزيع العادل والمعقول للحياة بالنسبة للدول المتشاطئة.

· إذا قررت الدول المتشاطئة تغيير نظم المياه الدولية أن تعطى الفرصة للدول الأخرى لرفض هذا التغيير، وتمتنع الدولة في التغيير إلا بالاتفاقية.

أما أهم المبادئ العامة للقانون الدولي والتي يمكن تطبيقها على الأنهار الدولية:

١- مبدأ حُسن الجوار بين الدول.

٢- مبدأ حُسن النية في التعامل بين الدول.

٣- مبدأ عدم الإضرار بالدول الأخرى.

٤- مبدأ تنفيذ الالتزام التعاقدية المصادق عليها.

٥- مبدأ عدم التعسف في استعمال الحق.

٦- مبدأ حل المنازعات بالطرق السلمية.

٧- مبدأ اللجوء إلى المفاوضات فى حالة الاختلاف.

نقطة أخيرة في هذه المقدمة الضرورية, تتعلق بالسدود التركية وأثارها الكارثية على سورية والعراق استنادا على رؤية عدد من الباحثين والخبراء , وهي: " أن مناطق السدود التركية هي منطقة نشاط زلزالي قديم، وإذا انهار سد تركي أو أكثر من سد عملاق من السدود التركية سيؤدي إلى دمار شامل لشرق سورية وغرب العراق وقد يصل الجدار المائي الطوفاني كما يسميه الخبراء إلى الخليج العربي جارفا معه مدنا وقرى كاملة، لأن سد أتاتورك فقط يخزن قرابة 50 مليار متر مكعب من المياه وهذا يعادل الإيرادات المائية لدجلة والفرات حاليا لمدة عام كامل..."........" ...إن الخطر الزلزالي ، كان كافيا لرفع شكوى ضد تركيا وإلزامها بعقد اتفاقية لتقاسم المياه وتحمل مسؤولية أية كارثة قد تحدث، ولكن الحكومات السورية والعراقية رفضت طوال العقود الماضية أن تدول الموضوع حتى الآن...".

"....ان تناقص المياه الواردة الى سورية إلى أقل من الربع هذه الأيام، وإلى ما دون ذلك إلى العراق، يدفع الى التساؤل الكبير: لماذا لم تقرر حكومتا سورية والعراق تدويل قضية مئات السدود التركية طوال العقود الماضية , كونها تشكل تهديدا وجوديا ؟ ...".

القسم الأول

المدخل القانوني:

لقد صنف القانون الدولي العام الأنهار إلى نوعين ؛ النوع الأول يتمثل : بالأنهار الوطنية والنوع الثاني يتمثل : بالأنهار الدولية والتي تُعرف بأنها : (تلك الأنهار التي تمر أحواضها بين إقليم أكثر من دولة ، أو تلك التي تفصل بين إقليم دولتين) ، ويعد نهرا دجلة والفرات من الأنهار الدولية, وتشكل تركيا المصدر الرئيسي لتغذية نهر الفرات بالمياه من خلال روافدها إلى جانب مياه الأمطار والثلوج وهذا ما حدا بتركيا إلى التحكم في مجراه الأعلى ومنابعه حيث قامت بإنشاء العديد من السدود والخزانات والمشاريع المائية مما اثر سلباً على نوعية وكمية مياه نهر الفرات حيثُ قل منسوب مياه النهر وارتفعت مستويات التلوث وحصلت زيادة بدرجات حرارة مياهه وذلك بسبب المشاريع الكهرومائية التركية ...في الحقيقة لقد حاولت تركيا استغلال مياه نهر الفرات بشكل كبير جداً وفي العديد من المجالات حيث خططت لاستثمار مساحات واسعة من الأراضي الزراعية على نهر الفرات تقدر بحوالي 1,440,000 مليون وأربعمائة وأربعين إلف دونم ، فضلا عن إنها تخطط لبيع المياه لدول الشرق الأوسط من خلال مشروع أنابيب السلام ، فتركيا لا تعترف بدولية النهرين ( دجلة والفرات ) وتعتبرهما حوضا واحدا وتراهما "نهران تركيان وطنيان" يخضعان للسيادة التركية ، وتطلق عليهما تسمية ( مياه ما وراء الحدود) ، في حين تعاني سورية العراق اليوم من أزمة مائية كبيرة بسبب السياسات المائية التركية فضلاً عن مشكلة التغيير المناخي والتي نجم عنها ارتفاع كبير في درجات الحرارة وتراجع كبير أيضاً في كميات هطول الأمطار ، مما أدى إلى وجود عدد كبير من المناطق المعرضة للجاف وهذا ما أدى إلى دخول سورية العراق إلى مرحلة يمكن وصفها بالمتأزمة والخطرة .

يتسم الماء بكونه ( حق ) لكل إنسان ولهذا فقد ذهبت اغلب الدساتير الوطنية إلى تنظيم هذه الثروة وبيان أحكام ملكيتها واستغلالها وحمايتها من خطر التلوث والاستنزاف ، كما أن أهمية المياه تزداد مع زيادة عدد السكان ومتطلبات التقدم العلمي والتكنولوجي الذي فتح أفاقاً جديدة في مجالات استخدام مياه الأنهار في غير شؤون الصيد والزراعة والملاحة ؛ كما أصبح للمياه دور كبير في نطاق العلاقات الدولية المعاصرة ، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تنتقل من الحقبة النفطية إلى الحقبة المائية , فقد أزاح الماء البترول وأضحى من يسيطر على المياه يستحوذ على حياة البشرية ويهدد وجودها كما انه سيؤدي دوراً في المستقبل القريب في توزيع خريطة القوى السياسية في منطقة الشرق الأوسط .

وعليه فإن مسألة تكييف الطبيعة القانونية للأنهار بصورة عامة ونهر الفرات بالتخصيص تعد ضرورية حيث تمكننا هذه الطبيعة من إعطاء الوصف القانوني السليم للأنهار لكي يتسنى لنا تحديد طبيعة حقوق سورية والعراق في مياه نهر الفرات.

الأنهار والقانون الدولي:

تُعدّ المصادر المائية من الثروات الطبيعية والضرورية لاستمرار الحياة الإنسانية ولوجود الكائنات الحية كافة، ويُرمز بها اليوم إلى سيادة الدولة وسلطانها.لكن المياه العذبة القابلة للاستخدام من قبل سكان الكرة الأرضية لا تؤلف سوى ما يعادل 1% فقط من المصادر المائية المتوافرة، والباقي مياه محيطات وبحار مالحة وكتل جليدية توجد في مناطق شبه خالية من البشر، كما تعاني كثير من الدول , من التوزيع غير المتساوي للمصادر المائية العذبة، وانعدام المساواة الفعلية في تقسيم المياه، وقساوة الظروف المناخية الناتجة من مشكلات القحط والجفاف شبه الدائمة، وظاهرة الاختيار غير المدروس بعناية لنمط معين من التنمية المبذرّة لكميات كبيرة من المياه، والتوسع السكاني المتزايد والتمدن العشوائي وعدم فعالية نظام السقاية وضعف الصيانة وتفاقم مشكلة التلوث المائي. وهذا ما أدى أحياناً إلى ظهور عدد من المنازعات بين الدول من أجل السيطرة على مجرى المياه العابر والمجاور لأراضيها. وقد مرَّ القانون الدولي المنظم لاستخدامات الأنهار الدولية,عبر تطوره التاريخي الطويل بمرحلتين مهمتين: فقد انبثق أصلاً من قاعدة تكريس حرية الملاحة النهرية بالنسبة إلى المجاري المائية القابلة للملاحة، ثم انتقل فيما بعد إلى الاهتمام على نحو رئيسي بموضوع تنظيم استخدامات المجاري المائية الدولية لغايات أخرى غير الملاحة (زراعة، صناعة، توليد طاقة كهربائية).

يقصد بالنهر بصورة عامة تلك " الوحدة المائية التي تتكون من منابع النهر ومجاري المياه وما يتصل بها من بحيرات ، وما يسير به مجراه يكون حوضاً واحداً ينتهي في بحر أو بحيرة داخلية تسمى المصب ، ويدخل فيه مجاري المياه التي تسير تحت الأرض وتكون متصلة بالنهر "أي المياه الجوفية .

قبل الولوج في التصنيف القانوني الدولي للأنهار لابد من الإشارة إلى أن فكرة التميز بين النهر الوطني والنهر الدولي لم تكن معروفة أو متداولة قبل نشوء وظهور مفهوم السيادة , وأن القانون الدولي العام صنف الأنهار إلى نوعين وذلك حسب مركزها القانوني ، ولاسيما أن لكل نوع من هذين النوعيين قواعد خاصة يخضع لها سواء من حيث الملكية أو الاستغلال أو الملاحة

النوع الأول : الأنهار الوطنية

تعرف الأنهار الوطنية بكونها تلك الأنهار التي ( لها مجرى مائي يقع من منبعه إلى مصبه في إقليم دولة واحدة كنهر بردى في سورية ونهر البارد في لبنان ونهر السين في فرنسا ونهر التايمز في إنكلترا ). ويخضع النهر الوطني لسيادة الدولة التي يجري في إقليمها وعليه فأنها وحدها لها حق تنظيم الاستفادة من مياهه وفقا لما تفتضيه متطلبات التنمية الاقتصادية.

النوع الثاني: الأنهار الدولية

لقد برزت أولى الإشارات إلى مفهوم النهر الدولي في معاهدة باريس للسلام والتي عقدت بتأريخ 30/5/1814 حيث أوردت تعريف له على أساس أنه ذلك : ( النهر الذي يفصل أو يخترق أقاليم دولتين أو أكثر ). فقد ارتكزت المعاهدة على المعيار الجغرافي والسياسي , إلا أن هذه الفكرة لم تستمر بل توالت بعد ذلك المحاولات الدولية لتحديد مفهوم النهر الدولي ، حيث عقد مؤتمر فيّينا عام 1815 والذي كان بمثابة حجر الأساس ولاسيما انه وضع الأحكام العامة القابلة للتطبيق على كل الأنهار الدولية حيث أجمعت الدول المشتركة فيه على ضرورة تنظيم الملاحة في الأنهار المشتركة بين أكثر من دولة وذلك عن طريق الاتفاق المشترك فيما بين الدول المتشاطئة كما أكد المؤتمر على حرية الملاحة فضلاً عن أن هذا المؤتمر تم من خلاله تحديد مبادئ إدارة مياه نهر الراين ما بين الدول المتشاطئة ، واستمر الاهتمام الدولي بقضية المياه المشتركة ، وفي القرن العشرين تم البدء بالاهتمام باتجاه التركيز على معايير أخرى غير الجغرافية والسياسية بل أضحى المعيار الاقتصادي للنهر يحتل مركز الصدارة بالاهتمام ، وهذا ما يمكن الاستدلال عليه من خلال بيان أستوكهولم لعام 1961، وتوصيات سالزبورغ لعام 1961، وقواعد هلسنكي لعام 1966، وإعلان ريودي جانيرو لعام 1992، وتقرير لجنة القانون الدولي لعام 1994 وصولاً إلى اتفاقية استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية الصادرة عن الأمم المتحدة لعام 1997 والتي ورد فيها تحديد لمفهوم المجرى المائي وذلك من خلال الفقرة (أ) من المادة (2) حيث نصت على أن المجرى المائي عبارة عن : (شبكة من المياه السطحية والجوفية التي تشكل بحكم علاقتها الطبيعية ببعضها البعض كلاً واحداً وتتدفق عادة صوب نقطة وصول مشتركة).

وقد حددت نفس المادة بالفقرة (ب) مفهوم المجرى المائي الدولي والمراد به " أي مجرى مائي تقع أجزاءه في دول مختلفة ".

أما مفهوم دولة المجرى المائي فان المراد بها " الدولة التي يوجد في إقليمها جزء من مجرى مائي دولي أو مستودع للمياه الجوفية عابرة الحدود".

ان للقانون الدولى المتعلق بالأنهار مصادر عديدة على الشكل الاتي:

اولا - المعاهدات:

ان مجموع الاتفاقيات التى تناولت الانهار الدولية عديدة, ولعل اول معاهدة تناولت هذا الموضوع هى المعاهدة الموقعة بين هولندا والمانيا وهدفها تنظيم الاستعمال المشترك للحقوق المتعلقة بالانهار بين الدول المبرمة لها بتاريخ2/ 8/ 1785 , تلتها بعد ذلك معاهدة باريس الموقعة بين فرنسا والمانيا بشان الملاحة فى نهر الراين المؤرخة فى 30/ 5 / 1814 , اما بشأن نهر الدانوب فقد ابرمت معاهدتا باريس 1856 ولندن 1883 . والاتفاقية المبرمة بين مصر والسودان بشان مياه النيل سنة 1907 , وكذلك الاتفاقية الموقعة بتاريخ 17 /12 1914 بين فرنسا وايطاليا بشأن نهر رينو وروافده ومعاهدة فرساى سنة 1919، والمعاهدة المبرمة سنة 1922بين روسيا وفنلندا وموضوعها عدم تحويل مجرى النهر او اقامة منشأت مائية تؤثر على تدفق المياه , ومعاهدة لوزان سنة 1923 التى اوجبت على الدول المشتركة بالأنهار الحفاظ على الحقوق المكتسبة للدول المتشاطئة , والاتفاقية المعقودة بين فرنسا وسويسرا بشان نهر الراين عام 1926 , والمعاهدة الروسية الايرانية حول استغلال نهر اراكس الموقعة بتاريخ 11/ 8/ 1957 اضافة الى الاتفاقية الموقعة بين الهند وباكستان سنة 1960 بشان نهر الهندوس.

ثانيا - المؤتمرات الدولية والمواثيق:

ومنها: مؤتمر فينا المنعقد بتاريخ 1815 , المتعلق بحرية الملاحة للأغراض التجارية للدول المتشاطئة وتنظيم ذلك , وميثاق درسدن بشأن نهر الالب المؤرخ عام 1824 , كذلك مؤتمر مدريد عام 1911 وهو المؤتمر الخاص بمعهد القانون الدولى والذى تم فيه البحث عن حقوق الدول المتشاطئة , وفى سنة 1921 عقد فى برشلونة مؤتمر تناول مواضيع المساواة فى التعامل والامتناع عن عر قلة الملاحة والذى سمى بنظام برشلونة , والذى بموجبه استبدلت مفردة الانهار الدولية الى المياه ذات الفائدة الدولية , بعد ذلك عقد مؤتمر جنيف الثانى والمنبثقة عنه اتفاقية سنة 1939 حول استخدام القوى المائية فى الانهار الدولية , واعلان الدول الامريكية الصادر سنة 1933 وموضوعه استخدام الانهر لغير الاغراض الملاحية وسواها من المواضيع الاخرى.

ثالثا - العرف:

يعتبر العرف واحداً من المصادر المهمة للقانون الدولي العام ما دامت احكامه جاءت على سبيل التكرار فى تصرف الدول وثبت فيها ان الدول تسير بوتيرة واحدة فى نوع معين من التصرفات الدولية ومن ذلك تستخلص القاعدة العرفية الدولية التي يشترط فيها قبول الدولة او الدول التصرف الموجه اليها , وان تكرار الاعمال المتماثلة في تصرف الدول في امور معينة هو الركن المادي للعرف اما الركن المعنوي له فهو اعتقاد الدول بان التصرفات المادية التي تقوم بها او تطبقها ملزمة لها قانونا وهذا ما اشارت اليه المادة ( 38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية , وفى هذا الصدد فأن القانون الإنجليزي اخذ بنظرية وحدة القانون الدولي والوطني حيث يقوم بإدراج القواعد القانونية العرفية المعترف بها والتي اكتسبت استقرارا في الممارسات الدولية في القانون الوطني من دون المرور بآلية تصديق السلطة التشريعية , وبهذا المثل نقف على مدى الاهمية التي جاء بها العرف التي شكلت الكثير من قواعده جزءاً من النظام القانوني الدولي الذى ينظم العلاقات بين الدول المتشاطئة وبيان الحقوق والالتزامات لأطرافه.

الا ان واقع الحال ولكون القواعد العرفية غير مكتوبة ويكتنف بعضها الغموض ولكون قسم من الدول لم تلتزم بالاتفاقيات رغم كونها نصوصاً مكتوبة ومستوفية لألية التصديق مما يجعل القواعد العرفية الدولية هي الحلقة الاضعف فى النظام القانوني الدولي قدر تعلق الامر بالعرف الدولي.

رابعا - الاحكام القضائية:

تعتبر الاحكام القضائية الدولية واحدة من المصادر القانونية المهمة لهذا الموضوع وتعتبر من المصادر المساعدة وليست من المصادر الاساسية , اضافة الى ان احكامها لا تلزم غير المتداعين , الا انها بالرغم من ذلك فان المبادئ القانونية التي اصدرتها وتصدرها المحاكم تلك تعتبر مصدرا مهما من مصادر القانون الدولي , وهناك امثلة كثيرة فى التطبيقات القضائية كحكم المحكمة الاتحادية السويسرية بشأن الخلاف حول سد يونباخ سنة 1878 , وحكم المحكمة العليا الامريكية حول شكوى ولاية كنساس وولاية كولورادو بشان نهر اركانساس ,وقرار المحكمة الدولية الدائمة للعدل 1920 حول نهر الاودر , وقرار محكمة العدل الدولية الدائمة بشان النزاع بين هولندا وبلجيكا حول مياه نهر الميزين 1937 , وقرار محكمة العدل الدولية بشأن النزاع بين هنغاريا وتشيكوسلوفاكيا حول نهر الدانوب 1997.

خامسا - قرارات الامم المتحدة

تكتسب القرارات الصادرة عن الامم المتحدة اهمية خاصة كونها صادرة من اعلى مؤسسة تشريعية دولية والمصحوبة بعنصر الالزام عادة ,وهنالك العديد من ما اصدرته الامم المتحدة من قرارات , على سبيل المثال : قرار الامم المتحدة الصادر بتاريخ 15/ 12/ 1980 المرقم 35 163 حول الاستغلال غير الملاحي لموارد المياه الدولية , ومناقشة مبادى هلسنكي حول المحافظة على البيئة النهرية المطروح امام لجنة القانون الدولي لسنة 1983 , ومؤتمر الامم المتحدة المنعقد فى السنغال سنة 1981للمجموعات المشتركة بحوض واحد , وتقرير لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة حول استخدام مصطلح المياه العابرة للحدود سنة 1993 واعتماد مشروع قانون استخدام المجاري المائية الدولية من قبل لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة بتاريخ 17/ 6/ 1994 والميثاق الأوربي للمياه 1967.

اتفاقية برشلونة لعام 1921 حول نظام الأنهار القابلة للملاحة ذات الأهمية الدولية

ترسخت حرية الملاحة كقاعدة قانونية عامة بموجب وثيقة ڤيينا لعام 1815 ومعاهدة فرساي للسلام لعام 1919 بالنسبة إلى أنهر الراين والدانوب وإلب ، إلى أن تم التوصل بإشراف عصبة الأمم إلى عقد اتفاقية برشلونة في 20/4/1921 حول نظام الأنهار القابلة للملاحة، وفيما يأتي أهم ما ورد فيها:

1ـ مفهوم مجاري المياه الصالحة للملاحة وذات الأهمية الدولية: نصت المادة الأولى من النظام الملحق بالاتفاقية على ما يعنيه مفهوم النهر الدولي حسبما هو متعارف عليه ذاك الوقت، والذي يشمل ضمن محتواه العام: مجاري المياه الصالحة بطبيعتها للملاحة والتي تفصل بين أراضي عدة دول أو تجري فيها، وكذلك مجاري المياه ذات الأهمية الدولية بمقتضى تصرفات وحيدة الطرف تصدر من الدول التي تجري فيها، أو بموجب اتفاق دولي تقره الدول المتشاطئة للنهر، ومجاري المياه التي تشرف عليها لجان دولية قد تضم دولاً أخرى إضافة إلى الدول المتشاطئة لمجرى المياه.

2ـ قاعدة حرية الملاحة والمساواة في المعاملة: نصت المادة الثالثة من الاتفاقية على تطبيق قاعدة حرية الملاحة لمصلحة مراكب جميع الدول الموقعة عليها، سواء أكانت من الدول التي يقع فيها المجرى المائي أم من الدول الأخرى، كما أوردت المادة الرابعة مبدأ المساواة في المعاملة بين جميع السفن، وألزمت المادة السابعة عدم فرض رسوم سوى ما يتعلق منها بالصيانة ومقابل خدمات فعلية. وأعلنت المادة الخامسة أنه يجوز للدولة التي يجري النهر في إقليمها أن تقصر التعامل في شواطئها المحلية لمصلحة مراكبها حصراً. ويحق للدول المتشاطئة بموجب المادة التاسعة الامتناع عن تطبيق القواعد العامة لنظام حرية الملاحة إذا ما تدخلت أحداث خطيرة تتعلق بالملاحة الإقليمية للدولة أو بمصالحها الحيوية، على أن تقدَّر الضرورة بقدرها وأن تنتهي الظروف الاستثنائية بزوال أسباب وجودها. ومع أن عدد الدول التي ارتبطت باتفاقية برشلونة الذي تجاوز الأربعين عند ولادتها انحسر إلى 21 دولة بعد ذلك، لكن استمرار التعامل بموجب قواعدها من قبل الدول حتى اليوم جعل قواعدها عرفاً دولياً واجباً على الدول كافة.

اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 حول استخدامات المجاري المائية الدولية للغايات غير الملاحية

تميَّز الوضع القانوني لاستخدام الأنهار الدولية لغايات غير الملاحة النهرية بالغموض والتشتت، وذلك منذ ان رفضت أغلبية الدول التصديق على اتفاقية جنيڤ المؤرخة في 9/12/1923 حول تجهيز الطاقة المائية التي تهم عدة دول، وبناء عليه، بادرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم 2669 تاريخ 8/1/1970 إلى دعوة لجنة القانون الدولي لدراسة مسألة تقنين القانون المتعلق باستخدام الأنهار الدولية للغايات غير الملاحية. وقد توصلت اللجنة بعد نحو سبعة وعشرين عاماً من المناقشات القانونية واستطلاع آراء عدد كبير من الدول إلى عرض النص النهائي لمشروعها على الجمعية العامة التي اعتمدته بقرارها رقم 229/51 تاريخ 21/7/1997 بعنوان «الاتفاقية العامة حول القانون المتعلق باستخدامات المجاري المائية الدولية لأغراض أخرى غير الملاحة». وفيما يأتي أهم ما تضمنته الاتفاقية من بنود مهمة:

1ـ مفهوم المجرى المائي الدولي: وعرَّفته المادة الثانية من الاتفاقية بأنه: نظام المياه السطحية والجوفية، المتواجدة في عدة دول، والتي تشكل بموجب روابطها الفيزيائية مجموعة موحدة تصل بشكل طبيعي إلى نقطة التقاء مشترك.

2ـ الاستخدام العادل والمنصف للمصادر المائية: نصت المادة الخامسة من اتفاقية عام 1997على هذا المبدأ الذي لا يمكن تطبيقه عملياً إلا مع الأخذ في الحسبان ضرورة استبعاد أي أولوية بين الاستخدامات المختلفة للمياه، كما أشارت إلى ذلك المادة /10/ من الاتفاقية. وأضافت المادة السادسة أنه يجب التوفيق بين جميع العوامل والظروف الملائمة لتحديد معنى الاستخدام العادل للمياه ودرجة الاعتماد على المياه والاتفاقات المعقودة، ولا يعني هذا المبدأ تقسيم المياه كمياً أو نسبياً وإنما استخدامها استخداماً مثمراً ومتعقلاً لمصلحة الدول المتشاطئة كافة.

3ـ المسؤولية الدولية عن الإضرار بالغير: هذا المبدأ المعترف به كقاعدة عرفية منذ إعلانه في حكم محكمة العدل الدولية لعام 1949 في قضية مضيق كورفو، تم ترسيخه أيضاً في المادة السابعة من اتفاقية عام 1997 التي نصت على الامتناع عن التسبب بأضرار جسيمة للدول الأخرى عند استخدام المجرى المائي الدولي، مع التسامح بحصول بعض الأضرار غير الجسيمة التي يمكن التعويض عنها بموجب اتفاقيات خاصة. كما حظرت المادة /21/ من الاتفاقية الأعمال الهادفة إلى تحويل المجرى المائي الدولي أو تحويل وتخفيض جريان المياه ومنسوب المجرى.

4ـ التعاون والتفاوض بحسن نية: نصت المادة الثامنة من الاتفاقية على التزام التعاون على أساس المساواة السيادية للدول المتشاطئة لتحقيق الفوائد المتبادلة بقصد بلوغ الاستخدام الأمثل للمجرى المائي الدولي، بما في ذلك تبادل المعطيات والمعلومات حول حالة مجرى النهر(المادة 9) والوقاية من الكوارث الطبيعية (المواد 27 و28) وفي مجال ضبط المياه وتدفقها (المواد 25 و26) والتشاور فيما يتعلق بالمشروعات المخطط لها (المواد 11 إلى 19) وأخيراً نصت المادة (33) على سلسلة من الإجراءات لتسوية الخلافات سلمياً بين الدول كالمفاوضات المباشرة والمساعي الحميدة والتوسط والتحقيق والتوفيق والتحكيم واللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

اتفاقيات لأنهار محددة

ترسخت قاعدة حرية الملاحة عرفياً وبموجب اتفاقيات خاصة، وتم عقد اتفاقيات خاصة، ثنائية ومتعددة الأطراف، لتنظيم استخدامات كثير من المجاري المائية الدولية، كاتفاق 30/11/1963 للملاحة في نهر الدانوب، واتفاقية 9/12/1976 لحماية نهر الراين من التلوث الكيميائي، واتفاقية 11/3/1973 لتنظيم استغلال مياه نهر السنغال، واتفاق 5/4/1995 حول الاستغلال الأمثل لنهر الميكونج، واتفاق 19/9/1960 حول تقسيم مياه نهر الهندوس (السند)، واتفاق 3/7/1978 حول استغلال مياه حوض الأمازون. كما يشار بهذا الخصوص إلى القرار التحكيمي لعام 1975 حول استخدام بحيرة لانو بين فرنسا وإسبانيا، وحكم محكمة العدل الدولية لعام 1997 في قضية المشروعات المنفذة على نهر الدانوب بين المجر وسلوڤاكيا، وكذلك القرارات الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة لعام1977 حول المياه، ومؤتمرات أعوام 1972و1992و1997 حول البيئة والتنمية. وهذا ما يؤلف بمجمله محور قانون استخدام المجاري المائية الدولية.

القواعد القانونية لإدارة الأنهار الدولية

ـ الاتفاقية المعقودة أثناء مؤتمر جنيف الثاني للمواصلات في تشرين الثاني 1933 حول "استخدام القوى المائية في الأنهار الدولية"، والتي جاء فيها: أن على كل دولة تحتفظ في حدود قواعد القانون الدولي، بأن تقوم في إقليمها بجميع الأعمال التي تراها ملائمة لاستخدام القوى المائية ما لم تكن هذه الأعمال من شأنها أن تمس إقليم دولة أخرى، أو كان يترتب عليه أضرار جسيمة بدولة أخرى.

ـ إعلان الدول الأميركية في كانون الثاني 1933، والذي اشتمل على مبادئ تعكس التعاون بين الدول ذات الانهار المشتركة في مجال استخدام المياه الدولية في الأغراض غير الملاحية، وفي استغلال الموارد المائية الدولية لتوليد الطاقة الكهرومائية، وفي الأغراض الزراعية والصناعية. حيث تضمن الإعلان الحق لكامل الدول في استغلال ما يقع تحت سيادتها من مياه الأنهار الدولية للأغراض المشار إليها، مع التأكيد على أن لا يحق لأية دولة القيام بتغيير مجرى النهر الدولي لهذه الأغراض دون موافقة الدول ذات الانهر المشتركة، والتأكد من عدم الإضرار بمصالح هذه الدول. وكذلك عليها، وقبل القيام بأي مشروع، إخطار الدول الأخرى وإرفاق جميع الوثائق الفنية اللازمة لمعرفة صلاح المشروع. وفي حال تعذر الوصول إلى اتفاق بالطرق الدبلوماسية، يُلجأ إلى المعاهدات الجماعية والاتفاقيات السارية في القارة الأميركية.

ـ معاهدة بين الحكومتين البلجيكية والبريطانية في تشرين الثاني 1934 المتعلقة بحقوق المياه في نهر تنجانيغا ورافد رواندا الإفريقيين، وذلك في أثناء الفترة الاستعمارية لإفريقيا.

ـ المعاهدة الأميركية ـ المكسيكية في شباط 1943 لتنظيم استغلال مياه الأنهر المشتركة بينهما. وألحقت بالاتفاق الأميركي ـ المكسيكي في شباط 1944، والذي أوجب على الدولتين الوصول إلى اتفاق مسبق قبل إقامة مشاريع مائية.

ـ اتفاقية نهر درافا الموقعة في سنة 1954 بين يوغسلافيا والنمسا، والتي تضمنت إقرار مبدأ التشاور بين دولة المجرى الأعلى (النمسا) ودولة المجرى الأسفل (يوغسلافيا)، في حالة تفكير دولة المجرى الأعلى القيام بأي مشروع، والتعهد بإجراء مفاوضات قانونية بشأن الحقوق في المياه.

ـ المعاهدة الموقعة بين فرنسا وإسبانيا في عام 1957، والتي تنص على أن دولة أعالي النهر (المنبع) تخرق القانون الدولي إذا غيرت، أو خفضت كمية المياه المتدفقة إلى دولة المجرى الأسفل.

ـ اتفاقية نهر الهندوس بين الهند وباكستان في عام 1960، والتي أشارت مقدمتها إلى أنها استندت على مبادئ حسن النية وتحقيق أفضل استخدام لمياه نهر الهندوس فيما بينهما.

ـ اتفاقية حوض البلاتا ، الموقعة في نيسان 1967 بين حكومات خمس دول هي الأرجنتين وبوليفيا والبرازيل والبارغواي والأروغواي، والتي تضمنت أحكاماً تتعلق باستخدام الثروات المائية من خلال تنظيم المجاري المائية والاستغلال العادل.

ـ معاهدة الولايات المتحدة مع المكسيك في عام 1906 حول نهر ريوغراندي، إذ ذكرت المادة الخامسة منها، بأن الولايات المتحدة بإبرام هذه المعاهدة، لا تسلم على أي نحو بإرساء أي مبدأ أو إيجاد أية سابقة. علماً أن المعاهدة ذكرت في مقدمتها، بأن الدافع الرئيسي لإبرام المعاهدة، هو رغبة الدولتين في تنظيم توزيع مياه النهر بينهما بشكل منصف.

ـ معاهدة الهند وباكستان في عام 1960 حول نهر الهندوس، حيث جاءت إحدى فقراتها لتقول: أنه لا يجوز أن يفسر الأطراف أي حكم في هذه المعاهدة، على أنه يترتب بأي شكل كان مبدءاً قانونياً عاماً أو سابقة.

وفي سنة 1966 ذهبت قواعد هلسنكي إلى أن البحيرات والأنهار التي تعبر الحدود الدولية أو تعتبر محددة لها دن ان تحكمها اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف تخضع لاعتبارات سيادة الدول تسببت في عدم اعتماد الأمم المتحدة لقواعد هلسنكي 1993 وأخرجتها من دائرة الالتزامات الدولية.

كانت قواعد هلسنكي تعني بمنابع الأنهار أكثر من مجراها، وقد كان من نتائج ذلك أنها اهتمت وأرست قاعدة الفرص المتساوية، ونصت قواعد هلسنكي بوجه خاص علي أن كل الدول المتشاطئة للأنهار أو البحيرات المائية من حقها الحصول علي قدر معقول ومتوازن من المياه و لكن برز خلاف حول تفسير هذا المعيار، كما أن قاعد هلسنكي القت أهمية علي ضرره تفادي أي أضرار جسيمة لدول المصب ولكن "اختلفت التفسيرات الاجتماعية لهذا المصطلح إلا أن الجوانب الجغرافية والاقتصادية والديموغرافية والتاريخية قد وضعت في الحسبان في الصياغة الأصلية للقواعد دون كثير من الاهتمام بنوعية المياه أو البيئة."

ولذلك أحيلت قواعد هلسنكي إلى لجنة القانون الدولي بالأمم المتحدة، وهناك اهتماما قانونيا بالمشاركة في الموارد المائية عبر تاريخ طويل في العلاقات الدولية. وهكذا يتبين أنه يجري من زمن طويل جهد في مجال القانون الدولي، ومن وثيقة الموزا 1993b تبرز خمسة عوامل حاكمة في تحديد مفهوم الفرص المتساوية والضرر الجسيم: طبيعة مكونات جزء النهر في كل دولة، واستخدامات المياه في الماضي والوقت الراهن، واحتياجات السكان الاجتماعية الاقتصادية، والموارد البديلة، وتفادي الأضرار بالجزء التالي من مجري النهر، وتفادي الإضرار عبر الحدود.

وقد اهتم مؤتمر إستكهولم 1972علي البيئة الإنسانية. بحيث لا تتخطي الأضرار حدود دولة إلي أخري من الدول المتشاطئة. وبينما أكد مؤتمر مارا دي بلاتا في الأرجنتين 1977 على سيادة الدول فقد نادي أكثر من مؤتمر إستكهولم ببذل العناية بمبدأ المشاركة والتأثيرات الاجتماعية وعدم الأضرار بمياه وبيئة الغير، ولأول مرة يركز مؤتمر دولي نظمته الأمم المتحدة سنة 1993 هو مؤتمر مالطة على المياه فقط وعلاقتها بالقيم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بما في ذلك من مؤثرات سياسية وانتهي بإعداد خطة للعمل للحفاظ على البيئة، ووضع المؤتمر عدة مبادئ للاستهداء بها في التعامل مع قضية المياه هي:

1ـ الماء ضرورة ماسة للحفاظ على الحياة التنمية والبيئة تقتضي إدارتها مدخلا تاريخيا يربط بين الجوانب التنمية الاقتصادية بدواعي الحفاظ على الأنظمة الطبيعية

2ـ أن إدارة وتنمية المياه يجب ان تؤسس على شراكة مستخدمي المياه ومخططي تنميتها وواضعي القرار السياسي.

3ـ دور المرأة الهام في الحفاظ على المياه.

4ـ للماء قيمة اقتصادية وفي هذا السياق ينبغي الاعتراف بحاجة كل أنسان لاستهلاك المياه.

أما فيما يتعلق بالأخطار المسبق والذي مؤداه وجوب قيام الدولة المتشاطئة للنهر والتي قد تعتزم إنشاء مشروع عليه قد يسبب ضرراً لدولة مشاطئة أخرى بإخطار الأخيرة بالبيانات العلمية الدقيقة المتعلقة بذلك المشروع، وأن تمنحها فترة زمنية مناسبة لدراسة المشروع وإبداء ملاحظاتها واعتراضاتها عليه إن وجدت، وذلك بهدف درء الأضرار المحتملة أو تخفيضها إلى أدنى حد ممكن، أو السماح بها بالاتفاق بين الدول المعنية مع التزام الدولة المستفيدة بدفع التعويضات الأزمة.

ومن ثم فإنه لا يجوز لأية دولة متشاطئة أن تقوم أو تسمح بتنفيذ أية مشروعات مائية على النهر إلا بعد أخطار الدول الأخرى المتشاطئة لذات النهر والتشاور معها إن كان لذلك مقتضي، إذ أن مبدأ الاشتراك في المياه الذي يحكم الانتفاع بمياه الأنهار الدولية لا يمكن أن يكون فعالاً دون وجود واجب الإخطار والذي يؤدى إعماله إلى تجنب كثير من المنازعات التي قد تثور بين الدول المتشاطئة للأنهار الدولية.

ان معاهدة هلسنكي حول حماية واستخدام المجاري المائية العابرة والبحيرات الدولية لسنة 1992. وعلى الرغم من تلك الاتفاقية لم تدخل حيز التنفيذ حتى تاريخه إلا أن أهميتهما قد أكدتها محكمة العدل الدولية عام 1997م بعد أشهر فقط من تاريخ إجازتها.

اتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية

اتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية , هي وثيقة أقرتها الأمم المتحدة في 21 ايار 1997 تتعلق باستخدامات والحفاظ على كل المياه العابرة للحدود الدولية، بما فيها المياه السطحية والمياه الجوفية. فقد وضعت الأمم المتحدة مسودة لتساعد على الحفاظ على الماء وادارة الموارد المائية للأجيال الحاضرة والمستقبلة. ولتدخل حيز التنفيذ، احتاجت الوثيقة تصديق 35 بلد، ولكن حتى 2008 تلقت أقل من نصف العدد المطلوب، بتصديقات 16 دولة. وبالرغم من عدم التصديق عليها، فإن الوثيقة تعتبر خطوة هامة نحو التوصل لقانون دولي يحكم المياه.

في خريف 2008، بدأت الأمم المتحدة مراجعة قانون اقترحته مفوضية القانون الدولي يؤدي غرضاً مماثلاً للوثيقة التي لم يتم التصديق عليها، ولكن الأمم المتحدة كانت تفكر في اقرار المقترح كخطوط عامة وليس لإقرارها فوراً كقانون.

في يوم ايار 2014، أصبحت دولة فيتنام الدولة الخامسة والثلاثين التي انضمّت إلى اتفاقية المجاري المائية الدولية. وقد أكملتْ دولةُ فيتنام بانضمامها العددَ المطلوبَ من التصديقات لدخول الاتفاقية حيز النفاذ. عليه فإن الاتفاقية دخلت حيز النفاذ في 17 آب عام 2014، اي بعد تسعين يوماً من تاريخ إيداع الصك الخامس والثلاثين للتصديق أو القبول أو الموافقة، كما تقضي بذلك المادة 36 من الاتفاقية.

تميَّز الوضع القانوني لاستخدام الأنهار الدولية لغايات غير الملاحة النهرية بالغموض والتشتت، وذلك منذ رفض أغلبية الدول التصديق على اتفاقية جنيڤ المؤرخة في 9 كانون الاول 1923 حول تجهيز الطاقة المائية التي تهم عدة دول. وبناء عليه، بادرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم 2669 تاريخ 8/1/1970 إلى دعوة لجنة القانون الدولي أن ”تباشر دراسة القانون المتعلّق بوجوه استخدام المجاري المائية الدولية للأغراض غير الملاحية، بقصد تطوّرِه التدريجي وتدوينه.“ وكانت في غايةٍ من التعقيد والصعوبة. فقد تطلّب الأمر ثلاثةً وعشرين عاماً، وخمسة مقررين، وخمسة عشر تقريراً قبل أن تتوصّل لجنة القانون الدولي إلى اتفاقٍ على المشروع النهائي لمواد الاتفاقية في عام 1994، وتحيله إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في ذلك العام. وقد سمّت لجنة القانون الدولي الاتفاقية "اتفاقية الأمم المتحدة بشأن قانون استخدامات المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية"

مضت ثلاثة أعوام أخرى بعد انتهاء لجنة القانون الدولي من عملها في عام 1994، قبل أن تجيز الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية في 21 آيار عام 1997. فبعد مناقشةٍ مطوّلة للمشروع الذي قدّمته لجنة القانون الدولي، بصيغته المعدّلة من جانب الفريق العامل، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 51/229 باعتماد الاتفاقية. بعنوان «الاتفاقية العامة حول القانون المتعلق باستخدامات المجاري المائية الدولية لأغراض أخرى غير ملاحية» وصوّت لصالح الاتفاقية مائةٌ وثلاث من الدول, وصوّتت ضدها ثلاثُ دولٍ (بوروندي وتركيا والصين) فقط، مع امتناع سبعٍ وعشرين دولة عن التصويت.

ثم مضت سبعة عشر عامٍ أخرى قبل أن تكتمل التصديقات والموافقات المطلوبة لدخول الاتفاقية حيز النفاذ. وان الدول التي أصبحت أطرافاً في الاتفاقية، وهي:

من أوروبا: فنلندا، النرويج، المجر، السويد، هولندا، البرتغال، المانيا، اسبانيا، اليونان، فرنسا، الدنمارك، لكسمبورج، ايطاليا، الجبل الأسود، المملكة المتحدة، ايرلندا.

من أفريقيا: جنوب أفريقيا، ناميبيا، غينيا بيساو، بوركينا فاسو، نيجيريا، النيجر، بنين، تشاد، وساحل العاج.

من الشرق الأوسط: سوريا، لبنان، الأردن، العراق، ليبيا، تونس، قطر، المغرب.

من آسيا: أوزبكستان وفيتنام.

اهم بنود الاتفاقية

وفيما يأتي أهم ما تضمنته الاتفاقية من بنود مهمة:

1- مفهوم المجرى المائي الدولي: استعرضت لجنة القانون الدولي جميع المفاهيم المستخدمة للأنهار الدولية، مثل: الحوض النهري والحوض المائي الدولي وحوض التصريف الدولي، وقررت أخيراً اعتماد مفهوم المجرى المائي الدولي الذي عرَّفته المادة الثانية من الاتفاقية بأنه: نظام المياه السطحية والجوفية، المتواجدة في عدة دول، والتي تشكل بموجب روابطها الفيزيائية مجموعة موحدة تصل بشكل طبيعي إلى نقطة التقاء مشترك.

2- الاستخدام العادل والمنصف للمصادر المائية: نصت المادة الخامسة من اتفاقية عام 1997 على هذا المبدأ الذي لا يمكن تطبيقه عملياً إلا مع الأخذ في الحسبان ضرورة استبعاد أي أولوية بين الاستخدامات المختلفة للمياه، كما أشارت إلى ذلك المادة /10/ من الاتفاقية. وأضافت المادة السادسة أنه يجب التوفيق بين جميع العوامل والظروف الملائمة لتحديد معنى الاستخدام العادل للمياه ودرجة الاعتماد على المياه والاتفاقات المعقودة، ولا يعني هذا المبدأ تقسيم المياه كمياً أو نسبياً وإنما استخدامها استخداماً مثمراً ومتعقلاً لمصلحة الدول المتشاطئة كافة.

3- المسؤولية الدولية عن الإضرار بالغير: هذا المبدأ المعترف به كقاعدة عرفية منذ إعلانه في حكم محكمة العدل الدولية لعام 1949 في قضية مضيق كورفو، تم ترسيخه أيضاً في المادة السابعة من اتفاقية عام 1997 التي نصت على الامتناع عن التسبب بأضرار جسيمة للدول الأخرى عند استخدام المجرى المائي الدولي، مع التسامح بحصول بعض الأضرار غير الجسيمة التي يمكن التعويض عنها بموجب اتفاقيات خاصة. كما حظرت المادة /21/ من الاتفاقية الأعمال الهادفة إلى تحويل المجرى المائي الدولي أو تحويل وتخفيض جريان المياه ومنسوب المجرى.

4- التعاون والتفاوض بحسن نية: نصت المادة الثامنة من الاتفاقية على التزام التعاون على أساس المساواة السيادية للدول المتشاطئة لتحقيق الفوائد المتبادلة بقصد بلوغ الاستخدام الأمثل للمجرى المائي الدولي، بما في ذلك تبادل المعطيات والمعلومات حول حالة مجرى النهر (المادة 9) والوقاية من الكوارث الطبيعية (المواد 27 و28) وفي مجال ضبط المياه وتدفقها (المواد 25 و26) والتشاور فيما يتعلق بالمشروعات المخطط لها (المواد 11 إلى 19) وأخيراً نصت المادة (33) على سلسلة من الإجراءات لتسوية الخلافات سلمياً بين الدول كالمفاوضات المباشرة والمساعي الحميدة والتوسط والتحقيق والتوفيق والتحكيم واللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

ان ما سبق يؤكد على المبادئ القانونية التالية:

اولا - من الضروري لدول المنبع الاقرار بحقوق دول المصب وعدم جواز اعتبار دول المنبع مالكة بشكل مطلق للنهر.

ثانيا - عدم جواز احداث منشآت او اعمال هندسية فى دولة المنبع من دون التباحث مع دول المصب او الدول المتشاطئة وحصول موافقة دول الحوض المسبقة قبل المباشرة بأي جهد هندسي.

ثالثا - عدم القيام بأي عمل من قبل دولة المنبع يؤدى الى تغيير مجرى النهر والحالة الطبيعية التي كان عليها النهر المذكور.

رابعا - استخدامات النهر الدولي يجب ان تتم على وفق الاتفاقيات والمعاهدات مع الاخذ بالمعايير الدولية وباتفاق الاطراف.

خامسا - عدم جواز قيام دولة المنبع بأي عمل يؤدى الى الحاق الضرر بالمصب او الدول المتشاطئة وفى حالة حدوث ضرر وبأي شكل من الاشكال فان دولة المنبع يلزمها الضمان.

سادسا - في حالة حدوث خلاف او نزاع حول تقسيم الحصص المائية فيجب اللجوء الى المفاوضات والتشاور وتشكيل اللجان الفنية لمعالجة ذلك وفى حالة عدم التوصل الى حل يتم اللجوء الى التحكيم او المحاكم الدولية.

وتأسيسا لما سبق فإن نهر الفرات يُعد نهراً دولياً حيث تشترك به كل من تركيا وسوريا والعراق وفقاً لقواعد القانون الدولي والتي توجب تقاسم مياهه ما بين الدول المشتركة وذلك طبقاً لقواعد القانون الدولي ، إلا أن هذه الحقيقة لا تعترف بها تركيا حيث أنها تجد في نهري دجلة والفرات حوضا واحداً وتعتبرهما نهران وطنيان وتطلق على مياههما (مياه ما وراء الحدود ) ، وهذا ما لا يمكن لسورية والعراق الموافقة عليه حيث أن هذه الفكرة تعمل وبشكل كبير على إهدار حقوق سورية والعراق المائية بمياه النهرين .

القسم الثاني

التعريف بنهر الفرات

يعد نهر الفرات احد الموارد الطبيعية المهمة في سورية والعراق وبهذا فقد كانت سورية والعراق تعدان من البلدان الغنية بالمياه الداخلية مقارنة بالبلدان المجاورة.

وهو أحد الأنهار الكبيرة في جنوب غرب آسيا وأكبر نهر في الصفيحة العربية، وينبع النهر من جبال طوروس في تركيا ويتكون من نهرين في آسيا الصغرى هما مراد صو (أي ماء المراد) شرقاً، ومنبعه بين بحيرة وان وجبل أرارات في أرمينيا، وقره صو (أي الماء الأسود) غرباً ومنبعهُ في شمال شرقي الأناضول. والنهران يجريان في اتجاه الغرب ثم يجتمعان فتجري مياههما جنوبا مخترقة سلسلة جبال طوروس الجنوبية. ثم يجري النهر إلى الجنوب الشرقي وتنضم إليه فروع عديدة قبل مروره في الأراضي السورية ليجري في الاراضي العراقية ويلتقي بنهر دجلة في منطقة كرمة علي ليكون شط العرب الذي يصب في الخليج العربي , ويدخل نهر الفرات في الأراضي السورية عند مدينة جرا بلس، وفي سوريا ينضم إليه نهر البليخ ثم نهر الخابور وثم يمر في محافظة الرقة ويتجه بعدها إلى محافظة دير الزور، ويخرج منها عند مدينة البو كمال. ويدخل أراضي العراق عند مدينة القائم في محافظة الأنبار ليدخل بعدها محافظة بابل ويتفرع منه شط الحلة ثم يدخل نهر الفرات إلى محافظة كربلاء ثم إلى محافظة النجف ومحافظة الديوانية ثم محافظة المثنى ثم محافظة ذي قار ليتوسع ليشكل الأهوار، ويتحد معه في العراق نهر دجلة فيشكلان شط العرب الذي تجري مياهه مسافة120 كم ,

لتصب في الخليج العربي. ويبلغ طول نهر الفرات من منبعه في تركيا حتى مصبه في شط العرب في العراق حوالي 2940 كم منها 1176 كم في تركيا و610 كم في سوريا و1160 كم في العراق، ويتراوح عرضه بين 200 إلى أكثر من 2000 متر عند المصب.

ويمثل نهر الفرات لنسبة كبيرة من السوريين , الشريان الحيوي لحياتهم وبقائهم من حيث استخدام مياهه في حياتهم اليومية المعيشية وفي الزراعة والصيد وتربية الحيوانات .... الأمر الذي جعل لهم (حقوق ثابتة أصلية ) في مياه نهر الفرات.

كما ويتسم نهر الفرات بكونه نهر فيضاني غير منتظم الجريان ، ويتدفق حوالي نصف وارده السنوي خلال شهري (نيسان - أيار ) حاملاً معه كميات كبيرة من الطمي تبلغ تقريباً 100مليون طن، ويتغذى هذا النهر في تركيا من مياه الأمطار والثلوج ، أما فيما يتعلق بمعدله السنوي الذي يمكن الارتكاز إليه لتحديد حجم الجريان الطبيعي لنهر الفرات فإنه من غير الممكن تحديد ذلك ولاسيما أن تركيا ومنذُ بداية سبعينات القرن العشرين قامت بإنشاء سلسلة من السدود والمنشآت المائية والتي تتسم طاقتها التخزينية بكونها تفوق الطاقة الطبيعية لمياه نهر الفرات بما يزيد عن ثلاث مرات، كما أن مجموع المياه المخزونة بمشروع الكاب وحده تبلغ حوالي (90) مليار متر مكعب أي ثلاث أضعاف الوارد المائي للنهر، وهذا ما يتعارض مع النظام القانوني الذي يحكم الاستخدام المشترك للأنهار الدولية والذي يفرض ان يكون استخدام المياه بصورة عادلة ومنصفة غير ضارة بالغير؛ وعليه فإن تركيا تعتدي على حقوق الدول المتشاطئة معها دون اكتراث لحقوقهم الثابتة .

خصائص النهر

يستقبل نهر الفرات معظم مياهه من خلال هطول الأمطار، وذوبان الثلوج.

ترتفع مياه نهر الفرات بشكل خاص وكبير خلال الأشهر الممتدة من نيسان وحتى آيار.

وينخفض تدفق مياه نهر الفرات خلال الصيف والخريف.

المنبع الرئيسي لنهر الفرات في تركيا الشرقية، ثمّ تتدفق مياهه إلى الخليج العربي، وهي في طريقها تمر عبر الأراضي السورية والعراقية. وازدهرت العديد من الحضارات على ضفاف نهر الفرات خلال العصور القديمة.

وكان نهر الفرات جزءاً من "طريق الحرير"، وهو طريق تجاري يمر عبر آسيا الوسطى وبلاد الرافدين، وكانت مدينة حلب السورية محطة رئيسية على طول الطريق التجاري الشهير.وبنيت مدينة بابل التي تعتبر أهم المدن في العالم القديم على طول نهر الفرات. بنيت العديد من السدود الكبيرة على طول نهر الفرات، وكان أهمها سد الفرات.

على الرغم من أنّ نهر الفرات لازال من أهم الأنهار حول العالم، إلا أنّه واجه العديد من المشكلات التي أثرت عليه بشكل سلبي.

نهر الفرات في التاريخ

كان يسمى من قبل شعوب المنطقة بالنهر الكبير أو النهر، كما كان الحد الفاصل بين الشرق والغرب بين بلاد آشور وبابل وبلاد شمال أفريقيا، وكانت كل من هاتين القوتين تسعيان لامتلاك الأراضي الواقعة بين وادي النيل والفرات. أيضا كان الفرات الحد الفاصل بين الشرق عن الغرب في عهد الفرس. كما كان أحد حدود المملكة السلجوقية وكان يعد الحد الشرقي للإمبراطورية الرومانية. وكانت بابل أعظم مدينة على شواطئه وكركميش المدينة الحثيّة شمال الجزيرة السورية (الفراتية). وقد شهدت ضفاف هذا النهر معارك وحروب عديدة .

ما يلاحظ عند القاطنين على جانبي الفرات، أنهم خصوا نهر الفرات بنوع من التقديس والتعظيم ، ويعود السبب في ذلك إلى دوره الكبير الحيوي في حياتهم فهو النهر العظيم الذي تركزت على ضفافه المدنية ومراكز النشاط الحضاري القديم ,مع طبيعة الأرض الزراعية الخصبة الموازية أو المحيطة بالمجرى .

كما أن مياه نهر الفرات كانت أساساً لحياة الشخص الاعتيادي، نظراً لكونها مرتبطة بمعتقداتهم الدينية، ومن المعتقدات المرتبطة بالديانة أجراء بعض الطقوس الدينية التي يكون الماء جزءاً رئيساً فيها حيث يستوجب على المرء للقيام بطقوسه الدينية ان يكون متطهراً وذلك من خلال استحمامه حيث تزيل مياه نهر الفرات كل الخطايا فضلاً عن ذلك فان الحاجة إلى الاغتسال للمحافظة على الصحة و الراحة الشخصية . لذا كانت النظافة بالنسبة للفراتيين تعد من مظاهر الورع ، وعليه فأن المياه مثلت الوسيلة الفضلى التي تبعدهم عن النجاسة والدنس والتي هي عنصر من عناصر الخطيئة لديهم وهذا ما توضحه شعائرهم الدينية التي ترتبط طقوسها بمياه الفرات ولاسيما ان هذه المياه مقدسة

لديهم ، لذا تزخر النصوص القديمة بقصص مخصصة بتقديس تلك المياه والمعروفة (بأدب الفرات ) والتي في الواقع تشغل حيزاً كبيراً بين أدبيات السوريين شأنها في ذلك شأن جميع الأمم القديمة التي سكنت أحواض الأنهار وأقامت على ضفافها أعظم الحضارات القديمة، كما أن أبناء الفرات يتغنون بقصائدهم وأغانيهم بوصف مياه نهر الفرات .

وهكذا يتبين لنا إن السوريين القدماء كانوا مهتمين بمياه نهر الفرات من خلال ربطها بمعتقداتهم الدينية إذ ان مياهه شكلت عصب الحياة النابض وركيزة للبناء الحضاري واساس الاستقرار والنماء , وتبعاً لذلك وجبت عليهم العناية بالبيئة المائية لنهر الفرات, وعدم التجاوز عليها ,كما أن الرابطة امتدت بين سكان حوض الفرات ونهر الفرات إلى قيام أبناء تلك القرى والبلدات بإطلاق اسم الفرات على أبنائهم.

الجزر النهرية في الفرات

تدعى الجزر النهرية في الفرات غالباً باسم الحوائج (جمع" حويجة). وتكثر في الفرات الحوائج متفاوتة المساحة والتي تتشكل من التربة التي ينقلها النهر أثناء فيضانات النهر ونمت فيها اشجار ونباتات طبيعة وتتميز هذه النباتات بكثافتها وأوراقها الطويلة والرفيعة كالحور الفراتي والصفصاف والطرفاء وعرق السوس والغَرَبْ والحلفاء والزل

والرز والكينا والزيزفون لأنها نباتات لا تنمو إلا في الأماكن التي تتوفر فيها المياه بشكل دائم. ولكون هذه الحوائج محاطة بالمياه من كل الجهات ويد الإنسان بعيدة عنها، بالإضافة لكثافة النباتات فيها، لذلك كانت الحيوانات التي تعيش فيها هي حيوانات مفترسة (الضبع والذئب وابن آوى) إضافة إلى حيوان النمر الفراتي وهو قط بري متوحش، وجميع هذه الحيوانات إما انقرضت أو هي في طريقها للانقراض في تلك المنطقة. كذلك تُعدّ الحوائج مستعمرات لأنواع من الطيور المستوطنة والمهاجرة، وتكثر فيها أعشاش الطيور، ولكنها بالرغم من ذلك لم تتحول إلى محميات طبيعية إلى الآن.

مسار نهر الفرات في سوريا

بمجرّد دخول نهر الفرات في الأراضي السورية فإنّه يمر من خلال جرابلس، ثمّ يمضي ليخترق محافظة الرقة، وفي الطريق ما بين جرابلس والرقة يتّحد معه كلٌّ من نهري البليخ و الخابور. بعد أن يمرّ من الرقة يمر من خلال دير الزور، ويخرج من البوكمال.

بعد دخوله جرابلس يتابع انحداره باتجاه الجنوب حتى مدينة مسكنة ومن ثم يتجه نحو الشرق في وادي الفيضي وصولا للرقة ومن ثم جنوباً وشرقاً الى دير الزور ، ويستمر سيره متعرجاً في الأراضي السورية ليخرج منها بالقرب من مدينة البوكمال قاطعاً 680 كم ضمن الأراضي السورية .

منذ فجر التاريخ، كانت ضفاف نهر الفرات (بالإضافة لضفاف نهر دجلة، وما بينهما) المهد الأساسي لابتكار الزراعة المروية قبل حوالي 12 ألف عام. كما مارست الشعوب المقيمة على ضفافه صيد الأسماك والنقل النهري والتجارة البينية، وتتابعت الأنشطة البشرية الاقتصادية وبنيت آلاف المدن والقرى عبر آلاف السنين على ضفافه، بعضها لايزال حيّاً إلى اليوم. مؤخراً، تزايدت وتيرة استثمار مع بناء عشرات السدود وتأسيس المزارع الجماعية الواسعة على ضفافه.

في تركيا، يوجد 22 سد و19 محطة كهرمائية ضمن مشروع جنوب شرق الأناضول لاستصلاح مساحة كبيرة تعادل بلجيكا. أكبر السدود التركية هو سد أتاتورك الواقع على مسافة قريبة من الحدود السورية، ويحجز خلفه بحيرة صناعية كبيرة جداً تصل مساحتها إلى 817 كم². ويلي سد أتاتورك من حيث الحجم سد كيبان حيث يحجز خلفه بحيرة صناعية بمساحة 675 كم².

في سورية، توجد 5 سدود على الفرات، أقيمت 3 منها (الكبيرة) في منتصف ستينيات القرن العشرين ضمن مشروع سد الفرات أو سد الثورة الذي شكل خلفه بحيرة اصطناعية كبيرة اسمها بحيرة الأسد تقع في محافظة الرقة قرب مدينة الثورة يحجز كمية من المياه تصل إلى 11.6 مليار متر مكعب قبل مدينة الرقة. واسم السد الآخر هو سد البعث ويقع في محافظة الرقة في مدينة المنصورة وأنشئ السدان الأخيران في أواخر الثمانينات للري السطحي. وكانت تنوي الحكومة السورية إنشاء سد كبير آخر في منطقة التبني شمال دير الزور.

تاريخيا، كان التدفق السنوي الطبيعي للفرات على الحدود السورية التركية حوالي 30 مليار متر مكعب ، ومع ذلك ، فإن سجلات البيانات على مدار السبعين عامًا الماضية تظهر اتجاهًا سلبيًا ، يشير إلى انخفاض متوسط التدفق السنوي إلى حوالي 25 مليار متر مكعب.

ونظرا لاستخدامه لأغراض الزراعة والري ، أصبحت نوعية المياه قضية خطيرة على نهر الفرات: فتدفقات العودة من الصرف الزراعي سببت مشاكل الملوحة التي تفاقمت على طول مجرى النهر ، بالإضافة إلى ذلك ، فإن إلقاء مياه الصرف الصحي غير المعالجة في الفرات وروافده ساهم في أشكال أخرى من تلوث المياه. ازداد استخدام المياه للأغراض البشرية (وخاصة الري والطاقة الكهرومائية) زيادة حادة منذ النصف الثاني من القرن العشرين ، مما أدى إلى انخفاض كبير في تدفق المجرى وتغييرات في النظام الهيدرولوجي الطبيعي للنهر.

المناخ المتغير للغاية أدى إلى توافر المياه المتغيرة ، في ظل نظام إدارة المياه الحالي ، وشكل الجفاف خطراً طبيعياً كبيراً وأثر على إمدادات المياه في الحوض ، كما شوهد في العقود الأخيرة في سورية والعراق.

الاعتداءات التركية على مياه الفرات

بدأت تركيا مع منتصف السبعينات من القرن الماضي بإنشاء سلسلة من السدود على مجرى نهر الفرات, وأصبحت قادرة على التحكم بكميات مياه النهر على حساب المصالح المائية السورية. ولعلّ أكثر المشاريع التركية خطورة على المصالح السورية والعراقية, هو مشروع غاب (GAP) المتعدد الأغراض, حيث يشمل مشاريع أساسية للري, وإنتاج الكهرباء. فضلاً عن مشروعات عدة في قطاعات أخرى.

تكمن أهمية هذا المشروع بالنسبة لتركيا, أنه يوفر المياه اللازمة لري الأراضي في المناطق الجنوبية, والشرقية لتركيا, والتي تعادل نحو خمس مساحة الأراضي الزراعية الموجودة في تركيا, كما يوفر إنتاج الطاقة الكهربائية, وتهيئة فرص عملٍ جديدة, من خلال المشروعات الزراعية, والصناعية, والخدمية التي ستقام في منطقة المشروع. كذلك يتيح المشروع لتركيا إمكانية زيادة إنتاجها السمكي، في بحيرات المشروع, وزيادة الإنتاج الزراعي عند اكتماله, وإذا كان مشروع غاب هذا, سيحقق لتركيا فوائد كثيرة, ويعزز من دورها الإقليمي المرتقب, فإن له آثاراً سلبية على سورية, لما سيُلحقه بها من أضرارٍ كبيرة, نتيجة لانخفاض حجم المياه التي تصل إليها من نهر الفرات, والتأثير السلبي لذلك على مياه الشرب ومشروعات الري والطاقة والبيئة وغيرها.

تتزايد الاتهامات لتركيا باستخدام المياه ورقة لابتزاز جيرانها، خاصة الأكراد السوريين ، فتلجأ إلى قطع مياه نهري دجلة والفرات بصفة متكررة وقد بنت عدة سدود على النهرين، وهو ما يؤثر على حصص المياه القليلة التي تصل إلى كل من سورية والعراق.

وفي سورية، أدت السدود التي بنتها وتبنيها تركيا على نهر الفرات إلى تراجع حصة السوريين من النهر، إلى أقل من ربع الكمية المتفق عليها دوليا، وهي مستويات غير مسبوقة.

وأبرز تلك السدود هو سد أتاتورك في محافظة أورفا التركية والذي يعد أكبر سد في البلاد، فيما لا يختلف الوضع كثيرا بالنسبة إلى العراق فقد ساهمت الممارسات التركية في تراجع مستوى نهر دجلة بشكل كبير عبر سد إليسو الضخم الذي بنته تركيا على النهر.

لقد أدى انخفاض منسوب مياه نهر الفرات الذي تتلاعب فيه الدولة التركية، إلى حدوث كارثة طالت توفير مياه الشرب لسكان مناطق شمال وشرق سوريا، إلى جانب انخفاض ساعات توليد التيار الكهربائي وتهديد الإنتاج المحلي من الأراضي الزراعية على ضفاف النهر. فقد خفّضت الدولة التركية تدفق مياه نهر الفرات إلى الأراضي السورية منذ اكثر من شهرين، ما ينذر بكارثة قد تحل في الأشهر القليلة القادمة على كافة مناحي الحياة في شمال وشرق سوريا.

ومع ارتفاع درجات الحرارة وحلول الصيف حيث موسم زراعة البساتين والأراضي الزراعية، تتعمد الدولة التركية مرة أخرى إلى خفض معدل مياه نهر الفرات بنسبة 60% من إجمالي الكمية التي تُضخ إلى الأراضي السورية على مدى عقود بحسب إدارة السدود.

ويعدّ النهر شريان الحياة لملايين السوريين في إقليم الفرات شمالي البلاد ومناطق أخرى كالرقة ودير الزور بالإضافة إلى تزويد ثاني أكبر مدينة في البلاد وهي حلب بمياه الشرب.

وتحولت ضفاف النهر ـ الذي تُضخ منه مياه الشرب إلى عشرات المدن والبلدات ـ إلى أرضٍ قاحلة خلال الأيام الماضية، إذ تقلص عرض النهر من 4 كم إلى 2 كم في غضون أسبوعين عند مدخل النهر للأراضي السورية بالقرب من مدينة جرابلس.

إن الأحواض التي كانت تُزود بها المدن بالمياه باتت فارغة الآن، بعد أن كانت تمتلئ تلقائياً عند ارتفاع منسوب النهر، إلا أنهم يعملون على تشغيل مضخات المياه التي تقع وسط المجرى لكن انعدام التيار الكهربائي الناتج أصلاً عن انخفاض المنسوب قد يؤثر كثيراً في ضخ المياه للأهالي.

وتضخ الدولة التركية حالياً المياه بمعدل أقل من 200 متر مكعب في الثانية، فيما وصل ضخ المياه إلى 100 متر مكعب في الثانية صيف عام 2017.

حيث أن السد بحاجة إلى ضخ المياه بمعدل 300 متر مكعب من المياه في الثانية، لتوليد الطاقة الكهربائية كأدنى معدل يمكن من خلاله تشغيل عنفة واحدة من سد تشرين، أو سد الفرات وتوليد الكهرباء بسعة 105 ميغا واط ساعي.

ونصت اتفاقية حول نهر الفرات أُبرمت عام 1987 بين تركيا وسورية على حصول الأراضي السورية على 500 متر مكعب مياه في الثانية، أي ما يعادل 2500 برميل.

تثير الكمية الضئيلة القادمة من المياه من الأراضي التركية المخاوف من انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 12 ساعة في اليوم على المناطق في شمال وشرق سورية.

وتغذي مناطق شمال وشرق سوريا ثلاثة سدود على نهر الفرات البالغ طوله 600 كم داخل الأراضي السورية، وهو سد تشرين جنوب شرق مدينة منبج، وسد الفرات أكبر السدود السورية بالقرب من مدينة الطبقة ببحيرة تتسع 14 مليار متر مكعب من المياه، وسد الحرية بالقرب من مدينة الرقة.

وتحبس 6 سدودٍ تركية مياه نهر الفرات قبل تدفقها إلى سورية ، من بينها سد أتاتورك ثاني أكبر السدود في الشرق الأوسط، والذي يخزن 48 مليار متر مكعب من المياه.

وتسقي مياه نهر الفرات ما يقارب 400 ألف هكتار من الأراضي المزروعة بالحبوب أهمها القمح إلى جانب البساتين وأشجار الفاكهة المنتشرة على طول ضفاف النهر في حوض الفرات شمال شرق سورية.

وتعدّ المياه مورداً حيوياً يستخدم في شتى المجالات، وخلال الأعوام الـ 5 الأخيرة تتعمد تركية قطع المياه في كل صيف في سياق الحرب التي تخوضها ضد الشعب السوري.

ولا تتوفر إحصائيات دقيقة حول أعداد صيادي السمك على طول مجرى النهر في سورية ، إلا أن مئات الصيادين القرويين الذين يستخدمون طرقاً شرعية وغير شرعية في اصطياد الأسماك، يعانون من نفوق كميات هائلة من الأسماك بعد تقلص عرض مجرى النهر إلى 2 كم، وهو مصدر رزقهم الوحيد، فينقطعون عن العمل في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة، كما يلحق انخفاض منسوب المياه أضراراً بالثروة السمكية.

وخلال عام 2017، بالتحديد قطعت الحكومة التركية المياه بشكل شبه كامل عن الأراضي السورية، لينخفض منسوب المياه إلى أدنى مستوى له في غضون 17 عاماً، في كارثة مرعبة تقلصت فيه مياه نهر الفرات إلى 1 كم بعد أن كانت 4 كم، إذ تحول مجرى النهر إلى أرض قاحلة ما أدى إلى نفوق ملايين الأسماك.

فيما تزداد مخاوف المدنيين ممن تقع منازلهم على ضفاف نهر الفرات من ارتفاع منسوب المياه فجأة وغمر منازلهم، إذ غمرت المياه سابقا عشرات المنازل في القرى الغربية لمدينة كوباني إلى جانب إلحاق الأضرار بالأراضي الزراعية إثر تلاعب الدولة التركية بمنسوب المياه.

قطع المياه عن سورية، حرب تركية جديدة تنتهك فيها المواثيق الدولية

استخدمت تركية السدود والمياه سلاحا جديدا في حروبها المستمرة على سورية والعراق، عبر تحكمها بضخ كميات المياه التي تنبع من أراضيها من خلال عدد من السدود أكبرها في تركيا هو سد أتاتورك على الفرات الذي يعد ثاني أكبر سد في الشرق الأوسط، وأحدثها هو سد إليسو الذي تم افتتاحه في العام 2018، على نهر دجلة وذكرت تقارير إعلامية أن بناء السد أدى إلى انخفاض حصة العراق من مياه النهر بنسبة 60%.

بينما تكفل سد أتاتورك بتراجع حصة السوريين من مياه الفرات إلى مستويات غير مسبوقة وتنذر بالأسوأ مع تراجعها الى اقل من ربع الكمية المتفق عليها دوليا.

جفاف نهر الفرات



وتناقلت وسائل إعلام محلية سورية ورواد وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد وصفت بالـ «مفزعة» تظهر انخفاضًا قياسيًا في منسوب نهر الفرات تصل إلى حد الجفاف نتيجة قيام تركيا ببناء سدود, وبسبب سد «اليسو» العملاق.

واظهرت الصور والفيديوهات الملتقطة على ضفاف النهر، تقلص عرض مجرى النهر مئات الأمتار، بالقرب من مدينة جرا بلس وصولًا إلى سد تشرين، لمجرى أكبر نهر في البلاد، وذلك بعد مضي حوالي الثلاثة أشهر على خفض تركيا لمعدل المياه المتدفقة إلى الجانب السوري.

سوريا.. مشاهد

وهددت المشكلة المائية التي استخدمتها تركيا «كسلاح ضد السوريين منذ أعوام»، مسألة توفير مياه الشرب لسكان مناطق شمال وشرق سورية، إلى جانب انخفاض ساعات توليد التيار الكهربائي، وتهديد الإنتاج المحلي من الأراضي الزراعية على ضفاف النهر.

ومنذ أن بدأت تركيا بخفض كميات المياه القادمة إلى سورية منذ أكثر من شهرين، بدأت تنطلق تحذيرات من أزمة في توافر مياه الشرب، ومن التأثير على الطاقة الكهربائية، وعلى القطاع الزراعي، والتسبب بالجفاف، إلا أن تلك التحذيرات بقيت ضمن نطاق محدود.

ومؤخرا، قامت تركيا "بإغلاق بوابات عبور مياه الفرات إلى سورية، ما أدى إلى انخفاض منسوب المياه إلى حد كبير، الأمر الذي انعكس سلبا على توليد الكهرباء من سد الفرات وتضرر القطاع الزراعي".

وأن استمرار حبس تركيا لمياه نهر الفرات داخل أراضيها، انعكس سلبا على اقتصاد المجتمع والأمن الغذائي العام، وعلى توفر مياه الشرب للمواطن. وأن مناسيب بحيرات السدود تراجعت بنسب كبيرة (بلغ منسوب بحيرة تشرين 322.42 متر مطلق عن سطح البحر، بتاريخ 23/6/2020، وبلغ منسوب بحيرة الفرات 301.29 متر في نفس التاريخ)، وهو منسوب منخفض جدا في مثل هذه الفترة من العام.

سوريا.. مشاهد

وتم تقليص ساعات توليد الطاقة الكهربائية من محطتي الفرات وتشرين بدءا من منتصف شهر حزيران، لتولد السدود الطاقة الكهربائية 10 ساعات فقط، بعدما كانت 18 ساعة يوميا، توزع على مناطق شمال وشرق سورية.

وطالبت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية في وقت سابق، الأمم المتحدة والحكومتين السورية والعراقية «بالضغط على تركيا، حيال ما تنفذه من خرق واضح للمواثيق والقوانين الدولية، تجاه التعامل مع المياه الإقليمية».

ووجدت مدينة الحسكة نفسها أمام مخاطر العطش، حين خرجت محطة علوك مجددا من الخدمة، وذلك بعدما أقدمت تركيا على إيقاف ضخ المياه من المحطة في ريف مدينة سري كانييه " رأس العين", وهو ما يعني تهديد أكثر من مليون شخص بالعطش.

وان "الجانب التركي يستخدم عبارة "المياه العابرة للحدود"، بدلا من الأنهر الدولية"، و تركيا "لا تعترف بالفرات ودجلة على انهما نهرين دوليين أصلا، وإنما تعتبرهما نهرين عابرين للحدود"، وذلك كي يخضعا للسيادة المطلقة للدولة التي ينبع منها، وعليه تفترض أن "من حقها أن تتصرف في كمية المياه التي تمنحها للدولة الحوضية الأخرى، بينما تستخدم هي ما تشاء لسد حاجتها من مياه النهرين حاضرا ومستقبلا" وهو ما يعني "تتريك النهرين".

أن السياسة المائية التركية "تقوم على حق السيادة المطلقة لتركيا على مواردها المائية في "حوض" دجلة والفرات داخل أراضيها، ولذلك تصرفت بشكل مطلق بمياه النهرين، ومن خلال تشييد السدود والمشاريع الإروائية والزراعية، ولا تزال مستمرة بنهج مقارب، من دون "مراعاة" حقوق الدول المتشاطئة معها".

في مقابل الموقف التركي من المجاري المائية، فإن الموقف السوري يؤكد على أن دجلة والفرات "مجار مائية دولية، وبالتالي تنطبق عليهما مبادئ القانون الدولي من حيث تقاسم المياه"، وأن "مبدأ تقسيم مياه دجلة والفرات، هو حق من الحقوق، ويجب أن يتم ذلك من خلال اتفاقيات ثنائية أو ثلاثية" فما يصل حدودها أو حدود العراق من مياه دجلة والفرات "ليس منّة من أحد، بل حق شرعي وفق الأعراف الدولية، ووفق بروتوكول عام 1987 الموقع بين تركيا وسورية". وأن سوريا "مستمرة بحقها في تقاسم المياه وفقا للقانون الدولي، وليس وفقا للنظرة التركية وتعريفها للأنهار".

انحسار المياه يشكل خطراً على الأسماك ويهددها بالانقراض

يعتمد أهالي حوض الفرات في سورية على صيد الأسماك، والتي تلعب دوراً كبيراً في المجال الاقتصادي، والغذائي، ومع انحسار منسوب نهر الفرت سيشكل خطراً على الأسماك ويهددها بالانقراض، ان الصيد الجائر وانحسار المياه وانخفاض منسوب نهر الفرات جراء حجب تدفق نهر الفرات إلى الاراضي السورية يهدد بالانقراض لمعظم أنواع الاسماك التي تتكاثر في نهر الفرات.

وان نسبة انخفاض النهر لعبت دورا كبيرا في التأثير على الثروة السمكية , فانحسار المياه أدى إلى انكماش الأسماك وانحسارها في منطقة معينة إضافة إلى تهديد نسبة التكاثر والذي سيؤدي الى انقراض العديد من أنواع الاسماك في نهر الفرات.

تعد مياه الأنهار عنصراً هاماً من عناصر الثروة الوطنية وهي بذلك ستخضع لمبدأ سيادة الدولة على أراضيها ومياهها الإقليمية؛ على أن يتفق هذا مع الحق المماثل لكل دولة متشاطئة مشتركة معها.

كما أن الماء ذي خصائص ذاتية كاملة النفع فلا يحتاج كغيره من الموارد الطبيعية إلى تدخل العمل البشري لتحويره كي يتغير ويعد جاهزاً للانتفاع، لذلك فان مياه نهر الفرات يتوجب اعتبارها (إرثاً طبيعياً مشتركاً ما بين الدول المتشاطئة) فهو غير مملوك لأقوام مخصوصين، بل هو إرثا مشتركاً.

اما فيما يتعلق بالطبيعة الخاصة لنهر الفرات فإن التوصيفات السابقة سوف تنطبق عليه فضلاً عن ان نهر الفرات نهر دولي وليس نهر وطني عابر للحدود كما ترغب تركيا بتوصيفه ، فهو ثروة طبيعية متحركة وجارية ومشتركة ما بين الدول المتشاطئة ، فضلاً عن ان هذه الثروة تختلف عن الثروة الطبيعية الثابتة الموجودة تحت سطح الأرض والتي تحتاج إلى جهد بشري لاستخراجها كــ(النفط) ، وعليه فإن الأخيرة تعد ثروة وطنية صرفة لا تجري عبر الحدود وبذلك فهي تخضع للسيادة الوطنية ، وهذا ما يتعارض مع التوجه التركي الذي يرى بكونه يملك حق السيادة (المطلقة) على مياه نهر الفرات الذي ينبع ويتغذى على أراضيها ، وبذلك فقد اعتبرته مصدراً وطنياً مثل النفط ، في الواقع إن الثوابت التي تم الإشارة إليها سابقاً تؤكد عدم إمكانية إجراء المقارنة ما بين تلك الثروتين، وعليه فإن نهر الفرات يُعد من (الموارد الطبيعية المشتركة ما بين الدول المتشاطئة).

يخضع نهر الفرات لاتفاقين ثنائيين: اتفاق بين سورية وتركيا يحدد الحد الأدنى لمتوسط التدفق على الحدود السورية التركية ؛ والاتفاق بين العراق وسورية يحدد توزيع مياه الفرات بين هذين البلدين.

فى عام 1987 وقعت سورية – تركيا ، بروتوكول التعاون الاقتصادي عبارة عن اتفاقية مؤقتة بشأن كمية المياه تنص على إصدار 16 مليار متر مكعب سنويًا (500 متر مكعب / ثانية) على الحدود السورية التركية.

وفى عام 1990 ، وقعت العراق – سورية ، اتفاقية المياه السورية العراقية تخصص مياه نهر الفرات وفقًا لنسبة ثابتة تبلغ 42٪ إلى سورية و 58٪ للعراق.

فى عام 2009 ، تناولت اتفاقية مجلس التعاون الاستراتيجي السوري التركي الأنشطة المشتركة في مجال المياه مثل تحسين نوعية المياه ، وبناء محطات ضخ المياه والسدود المشتركة ، وكذلك تطوير سياسات مشتركة للمياه.

اننا في جميع المنظمات والهيئات والمراكز وجميع الناشطات والناشطين والمفكرين والمثقفين والأكاديميين والشخصيات الاجتماعية والدينية المنضويين في إطار الهيئات المنتجة لهذا التقرير, نتوجه بهذه التوصيات \المطالب الى جميع الهيئات والمؤسسات والمنظمات المعنية والمنضوية في اطار هيئة الأمم المتحدة والى الدول الأعضاء الدائمين في محلس الامن, والى جميع الهيئات المدافعة عن حقوق الانسان.

التوصيات :

1. نناشد جميع الأطراف المعنية الإقليمية والدولية بتحمل مسؤولياتها تجاه شعب سوريا ومستقبل المنطقة ككل، ونطالبها باستمرار العمل الجدي والاسراع بخطواته من اجل التوصل لحل سياسي سلمي دائم للازمة السورية، والعمل والضغط من أجل الانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات التركية المحتلة والمسلحين المتعاونين معهم، من عفرين وريف الحسكة وريف الرقة وادلب وريفها وجميع الأراضي السورية التي قاموا باحتلالها. وفضح مخاطر الاحتلال التركي وما نجم عن العمليات العسكرية التركية في الأراضي السورية، من انتهاكات في حق المدنيين السوريين وتعريضهم لعمليات نزوح واسعة ومخاطر إنسانية جسيمة.

2. مطالبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة التدخل والضغط على الحكومة التركية من اجل ضخ كميات المياه الكافية في نهر الفرات الداخلة على الأراضي السورية, وعدم استخدام مياه نهر الفرات كسلاح ضد المدنيين العزل.

3. اقامة مجموعة إقليمية للمياه تضم الدول المشتركة بمياه نهر الفرات, تعمل على وجوب التنسيق ما بين تلك الدول وإيجاد الحلول الفضلى لحل المشاكل الناجمة من المشاريع المائية التركية على سورية والعراق.

4. التوصل إلى أتفاق ما بين الدول المتشاطئة على نهر الفرات وذلك لتنظيم استغلال المياه وبالطريقة المثلى وليس بتقسيمها.

5. الرفض وبشكل قاطع فكرة توصيف نهر الفرات بكونه نهر قومي تركي ، لإن حقوق سورية في مياه نهر الفرات تُعد حقوق أصلية موغلة بالقدم تمتد جذورها إلى الالاف السنين.

6. التأكيد على عدم السيادة المطلقة لتركيا على نهر الفرات فهذا المبدأ تراجع دولياً ، ليحل محله مبدأ السيادة المقيدة ولاسيما إن القانون الدولي العام ينص على عدم الإضرار بالآخرين .

7. ضرورة الالتزام بتبادل المعلومات التفصيلية المتعلقة بهذا المورد المائي المشترك كالمعلومات عن أسباب تردي نوعية مياه نهر الفرات ، وانقراض أو التهديد بانقراض العديد من الأحياء المائية التي كانت تحيى في مياهه ولاسيما بعد مشروع جنوب شرق الأناضول والذي يضم عدداً كبيراً من السدود.

8. ضرورة تثبيت حقيقة غير قابلة للناقش أن لسورية واللعراق حقوق أصلية في مياه نهر الفرات وان هذه الحقوق ليست منحة من أحد .

9. ضرورة الاتفاق على تشكيل لجنة قانونية وفنية تعمل على دراسة كل المواضيع المتعلقة بهذا الموضوع ومن كل الجوانب على سبيل المثال : نوعية مياه النهر ومدى جودتها منسوب المياه درجة حرارتها ...الخ من المواضيع الفنية الهامة .

10. يتوجب على الدول المتشاطئة على نهر الفرات ان تعتبر جميع الدول المتشاطئة شركاء في النهر ، وهذا ما يستلزم الارتكاز إلى القواعد القانونية والأعراف الدولية العامة الملزمة لجميع الدول والقابلة للتطبيق على المجاري المائية الدولية كمبدأ حسن الجوار وحسن النية وبخاصة الاتفاقية الأخيرة لعام 1997الخاصة بقانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية .

11. يعد ملف المياه من الملفات الهامة فهو ملف أمن غذائي واقتصادي واجتماعي وحياتي, لكل السوريين, لذا يتوجب أن يحتل هذا الملف مركز الصدارة من ضمن القضايا الوطنية الهامة في سورية ، مع التأكيد على أنه ملف غير قابل للمساومات ومن غير المسموح لأي دولة من الدول المتشاطئة بإنقاص حقوق سورية المائية أو المساس بها .

مراجع ومصادر التقرير

· تقارير حقوقية سابقة للفيدرالية السورية لحقوق الانسان.

· مجموعه المعاهدات و الاتفاقيات و العادات الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول فيما يخص المجاري المائية العذبة المشتركة بي الدول .

· القانون الدولي للأنهار الدولية

· نتائج المؤتمر الدولي الثاني للمياه بالقاهرة الذي جاء تحت عنوان «قضايا المياه في الشرق الأوسط الواقع والمستقبل».

· القانون الدولي للمياه والاتفاقيات الدولية

· القانون الدولي وملكية موارد المياه .

· ميثاق الأمم المتحدة للحقوق والواجبات الاقتصادية للدول لعام 1974م .

· مواقع الكترونية كوردية وعربية ومنها على سبيل المثال: وكالة انباء هاوار, موقع كورد ستريت, موقع روداو,ومواقع أخرى.

· مجموعة أبحاث ومقالات لمفكرين معروفين، ولباحثين كورد وعرب مختصين بموضوعات المياه والانهار والقانون الدولي.

دمشق في 17\8\2020

المنظمات والهيئات الحقوقية السورية الموقعة :

  1. الفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الانسان(وتضم 92منظمة ومركز وهيئة بداخل سورية)
  2. منظمة حقوق الإنسان في سورية – ماف
  3. المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية
  4. اللجنة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا (الراصد).
  5. المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية
  6. منظمة الدفاع عن معتقلي الرأي في سورية-روانكة
  7. المنظمة الكردية لحقوق الإنسان في سورية( DAD ).
  8. لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية ( ل.د.ح).
  9. منظمة كسكائي للحماية البيئية
  10. المؤسسة السورية لرعاية حقوق الارامل والأيتام
  11. التجمع الوطني لحقوق المرأة والطفل.
  12. التنسيقية الوطنية للدفاع عن المفقودين في سورية
  13. سوريون من اجل الديمقراطية
  14. رابطة الحقوقيين السوريين من اجل العدالة الانتقالية وسيادة القانون
  15. مركز الجمهورية للدراسات وحقوق الإنسان
  16. الرابطة السورية للحرية والإنصاف
  17. المركز السوري للتربية على حقوق الإنسان
  18. مركز ايبلا لدراسات العدالة الانتقالية والديمقراطية في سورية
  19. المركز السوري لحقوق الإنسان
  20. سوريون يدا بيد
  21. جمعية الاعلاميات السوريات
  22. مؤسسة زنوبيا للتنمية
  23. مؤسسة الصحافة الالكترونية في سورية
  24. شبكة افاميا للعدالة
  25. الجمعية الديمقراطية لحقوق النساء في سورية
  26. التجمع النسوي للسلام والديمقراطية في سورية
  27. جمعية النهوض بالمشاركة المجتمعية في سورية
  28. جمعية الأرض الخضراء للحقوق البيئية
  29. المركز السوري لرعاية الحقوق النقابية والعمالية
  30. المؤسسة السورية للاستشارات والتدريب على حقوق الانسان
  31. مركز عدل لحقوق الانسان
  32. المؤسسة الوطنية لدعم المحاكمات العادلة في سورية
  33. جمعية ايبلا للإعلاميين السوريين الاحرار
  34. مركز شهباء للإعلام الرقمي
  35. مؤسسة سوريون ضد التمييز الديني
  36. اللجنة الوطنية لدعم المدافعين عن حقوق الانسان في سورية
  37. رابطة الشام للصحفيين الاحرار
  38. المعهد السوري للتنمية والديمقراطية
  39. رابطة المرأة السورية للدراسات والتدريب على حقوق الانسان
  40. رابطة حرية المرأة في سورية
  41. مركز بالميرا لحماية الحريات والديمقراطية في سورية
  42. اللجنة السورية للعدالة الانتقالية وانصاف الضحايا
  43. المؤسسة السورية لحماية حق الحياة
  44. الرابطة الوطنية للتضامن مع السجناء السياسيين في سورية.
  45. المؤسسة النسوية لرعاية ودعم المجتمع المدني في سورية
  46. المركز الوطني لدعم التنمية ومؤسسات المجتمع المدني السورية
  47. المعهد الديمقراطي للتوعية بحقوق المرأة في سورية
  48. المؤسسة النسائية السورية للعدالة الانتقالية
  49. مؤسسة الشام لدعم قضايا الاعمار
  50. المنظمة الشعبية لمساندة الاعمار في سورية
  51. جمعية التضامن لدعم السلام والتسامح في سورية
  52. المنتدى السوري للحقيقة والانصاف
  53. المركز السوري للعدالة الانتقالية وتمكين الديمقراطية
  54. المركز السوري لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب
  55. مركز أحمد بونجق لدعم الحريات وحقوق الإنسان
  56. المركز السوري للديمقراطية وحقوق التنمية
  57. المركز الوطني لدراسات التسامح ومناهضة العنف في سورية
  58. المركز الكردي السوري للتوثيق
  59. المركز السوري للديمقراطية وحقوق الانسان
  60. جمعية نارينا للطفولة والشباب
  61. المركز السوري لحقوق السكن
  62. المؤسسة السورية الحضارية لمساندة المصابين والمتضررين واسر الضحايا
  63. المركز السوري لأبحاث ودراسات قضايا الهجرة واللجوء(Scrsia)
  64. منظمة صحفيون بلا صحف
  65. اللجنة السورية للحقوق البيئية
  66. المركز السوري لاستقلال القضاء
  67. المؤسسة السورية لتنمية المشاركة المجتمعية
  68. الرابطة السورية للدفاع عن حقوق العمال
  69. المركز السوري للعدالة الانتقالية (مسعى)
  70. المركز السوري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
  71. مركز أوغاريت للتدريب وحقوق الإنسان
  72. اللجنة العربية للدفاع عن حرية الرأي والتعبير
  73. المركز السوري لمراقبة الانتخابات
  74. منظمة تمكين المرأة في سورية
  75. المؤسسة السورية لتمكين المرأة (SWEF)
  76. الجمعية الوطنية لتأهيل المرأة السورية.
  77. المؤسسة السورية للتنمية الديمقراطية والسياسية وحقوق الانسان.
  78. المركز السوري  للسلام وحقوق الانسان.
  79. المنظمة السورية للتنمية السياسية والمجتمعية.
  80. المؤسسة السورية للتنمية الديمقراطية والمدنية
  81. الجمعية السورية لتنمية المجتمع المدني .
  82. مركز عدالة لتنمية المجتمع المدني في سورية.
  83. المنظمة السورية  للتنمية الشبابية والتمكين المجتمعي
  84. اللجنة السورية لمراقبة حقوق الانسان.
  85. المنظمة الشبابية  للمواطنة والسلام في سوريا.
  86. مركز بالميرا لمناهضة التمييز بحق الاقليات في سورية
  87. المركز السوري للمجتمع المدني ودراسات حقوق الإنسان
  88. الشبكة الوطنية السورية للسلم الأهلي والأمان المجتمعي
  89. شبكة الدفاع عن المرأة في سورية (تضم 57هيئة نسوية سورية و  60 شخصية نسائية مستقلة سورية)
  90. التحالف السوري لمناهضة عقوبة الإعدام(SCODP)
  91. المنبر السوري للمنظمات غير الحكومية (SPNGO)
  92. التحالف النسوي السوري لتفيل قرار مجلس الامن رقم1325 في سورية (تقوده 29  امرأة , ويضم 87  هيئة حقوقية ومدافعة عن حقوق المرأة ).

الهيئة الادارية للفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الانسان

www.fhrsy.org

هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته

 

تجارة الموت في المتوسط ومسؤولية أوروبا

أنتبه, فتح في نافذة جديدة. صيغة PDFطباعةأرسل لصديقك

كتبها Administrator الاثنين, 01 يونيو 2015 22:40

تجارة الموت في المتوسط ومسؤولية أوروبا

توفيق المديني

لقي أكثر من ألف ومئة مهاجر سري حتفهم غرقاً في البحر الأبيض المتوسط، حين انقلبت السفينة التي كانت تقلهم قبالة السواحل الليبية خلال النصف الثاني من شهر أبريل الماضي، وكان قبطانها تونسياً وضحاياها من جنسيات مختلفة، وكان الحادث، الذي تم وصفه بالكارثي والأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، نتيجة تصادم مع مركب تجاري بحري، واتهم أيضاً أحد أفراد طاقم السفينة بتشجيع الهجرة غير القانونية، وكان القبطان وعضو الطاقم من بين الناجين الـ27 الذين وصلوا صقلية في وقت متأخر الاثنين 28 أبريل 2015، كما تم اعتقال شريك للقبطان التونسي وهو سوري مهرب يبلغ من العمر 26 سنة، وحسب تصريحات متنوعة فإن رحلة الموت كانت أرباحها تقدر بين مليون وخمسة ملايين يورو.

وتندرج هذه الحادثة ضمن عنوان واحد إنها «تجارة الموت» وتجارة بأحلام الهاربين من براثن الفقر أو الحروب. ومنذ بداية سنة 2015 توفي حوالي 1600 مهاجر، وهي أرقام مفزعة، تؤكد لنا تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، حيث إن المهاجرين غير الشرعيين اليوم هم في أغلبيتهم من الجنسيات السورية والسودانية والصومالية والفلسطينية.

وأبدت المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني أكثر من مرّة وخلال اجتماعات المنتدى الاقتصادي الاجتماعي العالمي في تونس تخوفاً من سعي السياسات الأوروبية إلى تطوير نشاط وكالة «فرونتاكس» التي تُجَرِّمُ واقع الهجرة والإقامة غير القانونية وغير المنظمة، وتُعْطِي اعتباراً أكبر لما هو تجاري على حساب ما هو إنساني وحاجات الحماية الدولية. وبلغت حصيلة المفقودين على حدود الاتحاد الأوروبي حوالي 160 ألف شخص بين 1993 ومارس 2012.

ووصف المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية في تقارير له المقاربة الأوروبية بـ«القمعية للهجرة العالمية» ولا علاقة لها بالواقع. فأوروبا تستقبل 3 بالمئة فقط من سكان العالم وثلث المهاجرين فقط يتوجهون من دول فقيرة إلى أخرى غنية ومتقدمة، ومن مجموع 15 مليون لاجئ في العالم تستقبل الدول النامية أربعة أخماسهم. وقد أدّى غياب منافذ قانونية للأراضي الأوروبية إلى تقوية شبكة المقايضة البشرية.. ويدعو المنتدى إلى تغيير السياسات الأوروبية للهجرة، وإعادة النظر في دور وكالة «فرونتاكس» التي تضاعفت ميزانيتها مع تضاعف أعداد الموتى من المهاجرين، وارتفاع الخسائر البشرية.. كما يدعو إلى رؤية جديدة لمعالجة هذه الظاهرة.

حسب تقارير إعلامية ليبية، فإن هناك ميليشيات من «فجر ليبيا» تقف وراء موجات الهجرة غير الشرعية التي تتم من الجنوب الليبي باتجاه دول الاتحاد الأوروبي. وأكدت هذه التقارير أن كارثة غرق قارب قبل أيام قبالة السواحل الليبية، وما رافقه من انتقادات للدول الأوروبية، كشف عن تورط تلك الميليشيات في عمليات تهريب الأفارقة عبر قوارب الموت.

وبيّنت التقارير أن أغلبية المهاجرين غير الشرعيين الحالمين بالوصول إلى أوروبا، تبدأ رحلتهم من مطار معيتيقة في العاصمة طرابلس الذي تسيطر عليه ميليشيات «فجر ليبيا»، حيث وصلت أعداد كبيرة من السوريين والفلسطينيين إلى هذا المطار، ومن ثم ينقلهم أشخاص تابعون لميليشيات «فجر ليبيا» إلى المدن المجاورة كزوارة وصرمان وصبراته ومصراته.

فتجارة الموت هذه يقف وراءها عناصر ومافيات، ويضطر الحالم بالهجرة إلى دفع مبلغ بين2000 دولار إلى 3000 دولار.. ولئن كانت بعض العصابات تستغل الأموال لحسابها الذاتي، فإن بعض التقارير تشير إلى تورط جماعات متطرفة تستغل هذه العائدات في تمويل تنظيمها وشراء الأسلحة وتمويل العمليات الإرهابية. وحسب مصادر إعلامية ليبية فإن «أنصار الشريعة» وتنظيم «داعش» الإرهابي في صرمان وزوارة يستغلان هذه التجارة لدعم المسلحين.

وتواجه إيطاليا، الدولة الأوروبية الواقعة في الجنوب الأوروبي والمطلة على البحر المتوسط، بمفردها تدفق المهاجرين غير الشرعيين القادمين في أغلب الأحيان من بلدان إفريقية وعربية شرق أوسطية ومغاربية، في محاولة منهم للوصول عبر قوارب قديمة وهشة إلى السواحل الإيطالية، ومنها ينطلقون إلى بلدان الاتحاد الأوروبي..

وكانت إيطاليا قد أطلقت في تشرين الأول 2013، بعد أيام من مصرع أكثر من 360 مهاجراً غرقاً، عملية «ماري نوستروم» (الاسم الذي أطلقه الرومان على البحر المتوسط) في محاولة لإنقاذ المهاجرين الذين يبحرون من سواحل ليبيا على مراكب بدائية، وخلال ثمانية أشهر ونيف، أنقذت البحرية الإيطالية 73 ألفاً و686 شخصاً، أي ما معدله 270 شخصاً يومياً. وفي مركز قيادة عمليات «ماري نوستروم» في شمال روما، قال رئيس أركان القوات الإيطالية ميشال سابونارو أن تزايد تدفق المهاجرين واللاجئين إلى ساحل إيطاليا ليس ناجماً عن إخفاق عملية «ماري نوستروم»، بل عن تفاقم الأزمات في الشرق الأوسط، ففي سورية تفاقم الوضع، وفي العراق هناك تقدم للقوى الأصولية.

وأكد من جديد نجاح أحزاب اليمين المتطرف والحركات الشعبوية في الانتخابات الأوروبية التي جرت في حزيران 2014، ولاسيَّما في فرنسا، على ضرورة الإسراع بتطبيق وسائل للحدّ من سياسة الهجرة واللجوء على مستوى الاتحاد الأوروبي، حيث كانت أهميتها معترفاً بها منذ سنوات، فالمهاجرون من خارج أوروبا لا يتجاوزون 13 مليون نسمة، أي 3,5% من سكان الاتحاد الأوروبي. وقد ازداد عدد المهاجرين إلى النصف خلال خمس عشرة سنة، ولاسيَّما بسبب التدفق الهائل للمهاجرين القادمين من أوروبا الشرقية ودول البلقان بعد سقوط جدار برلين عام 1989، والحرب في يوغوسلافيا، لكن وزن هؤلاء المهاجرين يظل أقل من 6,6% من الأجانب الذين يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية.

غير أن المشكلة التي تواجه الاتحاد الأوروبي الآن هي تزايد الهجرة غير السرية أو غير الشرعية، التي أصبحت تحتل حيزاً كبيراً في مناقشات رؤساء الدول والحكومات الأوروبية، الذين ركّزوا في تصريحاتهم المختلفة على ضرورة مكافحة الشبكات السرية، وتعزيز مراقبة الحدود، فقد شكلت أحداث 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة، وصعود اليمين المتطرف والعنصري في أوروبا، وإرادة القيادات الأوروبية لتقديم أجوبة عن هذا «الانزعاج» الذي أظهرته صناديق الاقتراع، مجموعة من العوامل التي تفسر لنا هذا النقاش الأوروبي المحتدم عن الهجرة.

ففي بريطانيا يدخل كل يوم بطريقة غير شرعية 137 مهاجراً جديداً، ويختفي في الطبيعة، ومنذ ثلاث سنوات يوجد في بريطانيا 150000 مهاجر سري يعملون في السوق السوداء، بمساعدة أهاليهم، وتستقبل بريطانيا على أراضيها ما يقارب مليون مهاجر غير شرعي، واستقبلت السلطات البريطانية خلال عام 2001 (71700) طالب للجوء، وتعدّ بريطانيا البلد الأوروبي المفضل للمهاجرين، ذلك أن طالبي اللجوء يسمح لهم بالعمل خلال الستة أشهر، في انتظار البت في ملفاتهم، ويأتي هؤلاء في معظمهم من أفغانستان، والعراق، والصومال، وسيرلانكا.

وكانت إيطاليا قد كلفت عقب قمة لايتكين في كانون الأول 2001، بدراسة عن إنشاء «بوليس» أوروبي لمراقبة حدود الاتحاد، وهي فكرة قديمة أطلقتها كل من روما وبرلين، ولكن تبنتها اليوم معظم عواصم الاتحاد الأوروبي، وهكذا اتفقت بلدان الاتحاد الأوروبي على الوسائل البوليسية والقمعية لوضع حد لوصول المهاجرين غير الشرعيين.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن لأوروبا التي تكمن آفاقها في التوسع شرقاً، وحيث سكانها يعانون الشيخوخة، أن تبلور سياستها المشتركة للاستقبال والاندماج لأولئك المهاجرين الذين تجلبهم، وتحتاجهم أسواقها للعمل؟

لأن الضرورة هي التي تسنُ القوانين، فقد كان أرباب العمل الإيطاليون المبادرين الأوائل صيف 2004 في طرح النقاش الذي قاد إيطاليا إلى مراجعة قوانينها بشأن الهجرة، وفي الوقت الذي تتوافد فيه المراكب التي تحمل أعداداً غفيرة يومياً من الرجال والنساء والشباب إلى سواحل جزيرة لامبيدوزا في جنوب جزيرة صقلية، الهاربين من النزاعات المسلحة، والفقر والمجاعات في إفريقيا، تدخّل رئيس أرباب العمل الإيطاليين لوكا دي مونتيزيمولو، ليذكر، «أن الهجرة هي أيضاً ضرورة لإيطاليا». وتذكر رئيسة المؤتمر الدولي والأوروبي للبحث في الهجرة، فانا زينكوني بقولها: «من دون عمال أجانب، سيشل الاقتصاد الإيطالي».

إيطاليا، بلد هجرة بامتياز تاريخياً، وهي تريد الاستفادة من تجارب البلدان الأوروبية الأخرى، كي لا تقع في الأخطاء عينها التي وقع فيها الأوروبيون. وبسبب معدل الولادات الذي يعدّ الأضعف في أوروبا، وشيخوخة سكانها العاملين، ازدادت حاجة إيطاليا إلى اليد العاملة الأجنبية بصورة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية. وحسب دراسة أعدتها غرفة التجارة الإيطالية، بلغت حاجة إيطاليا من اليد العاملة المهاجرة 5 ملايين مهاجر في حدود سنة 2010، حسب تقديرات أهم نقابة مركزية إيطالية (CGIL ). وحسب معطيات المعهد الوطني للإحصاء، فإن عدد سكان إيطاليا لم يزدد في عام 2003، إلا بفضل ولادات أبناء المهاجرين، ولاشك في أن تحويلات العمال المهاجرين تسهم في إثراء بلدانهم الأصلية، إذ بلغت قيمة الأموال المحولة إلى عائلاتهم 12,2 مليار يورو في عام 2003، حسب تقرير المنظمة الدولية للهجرة.

 

ما هو التعايش؟

أنتبه, فتح في نافذة جديدة. صيغة PDFطباعةأرسل لصديقك

كتبها Administrator الاثنين, 30 يناير 2012 22:36

ما هو التعايش؟

الأربعاء 22-12-2010 م الموافق 16-1-1432 هـ

بقلم: كومار ربسنكة /ترجمة: ذاكر آل حبيل

إن التعلم للعيش المشترك، وقبول الاختلاف، وجعل العالم مكاناً آمناً له؛ سوف يكون أحد أهم التحديات الكبرى للقرن الواحد والعشرين.

فالتعايش هو المصطلح الذي تم استخدامه بشكل مترادف في سياقات عدة، كما استخدم بوصفه عبارة رئيسية في ظهور عدد كبير من الحركات الاجتماعية والسياسية، والسمة الرئيسية في تعريف كلمة «التعايش» هو علاقتها بكلمة «الآخرين» والاعتراف بأن « الآخرين» موجودون.

التعايش يعني التعلم للعيش المشترك، والقبول بالتنوع، بما يضمن وجود علاقة إيجابية مع الآخر. فلقد عرَفت هوياتنا العلاقة مع الآخر، فعندما تكون العلاقات إيجابية وعلى قدم المساواة معه، فإن ذلك سوف يعزز الكرامة والحرية والاستقلال، وعندما تكون العلاقات سلبية ومدمرة فإن ذلك سيقوّض الكرامة الإنسانية وقيمتنا الذاتية. وهذا ينطبق على الفرد والجماعة والعلاقات بين الدول، فبعد أن شهدنا حربين عالميتين وحروباً لا حصر لها من الدمار والإبادة الجماعية، صارت مسألة تعزيز التعايش على جميع المستويات أمراً ملحاً للقرن الواحد والعشرين.

واحد من المفاهيم الأساسية في تاريخ الثقافة الغربية عموماً، والفلسفة الحديثة على وجه الخصوص، هو أن الشرعية الفعلية للوجود المفترض مع صفاتها المحددة موجودة فقط عندما تعترف بها ذاتية أخرى، ووفقاً لهيغل، فإن جوهر فكره قائم على مصطلح «وجود» وهو في الأساس «تعايش». وينطبق ذلك على الأفراد والجماعات والطبقات، فالمطلوب هو الاعتراف المتبادل، كشرط ضروري من أجل الحرية والاستقلال. وهناك أمثلة ممتازة للعديد من أشكال النضال لأجل الاعتراف والتأكيد على الاستقلال في تاريخ الحركات الاجتماعية. ومن الأمثلة المهمة في هذا السياق، الكفاح من أجل التعايش بين الرجل والمرأة والخلاص من البطريركية (الأبوية) للنضال من أجل تحرير المرأة، والمساواة بين الجنسين، والنضال ضد الاستعباد وضد عبودية الإقطاع معروفة جيداً. وفي عصرنا الحالي فإن الكفاح من أجل التعايش يتواصل مع عملية تحول الاتحاد السوفيتي السابق، والثورة السلمية في أوروبا الشرقية.

وفي المفردات السياسية الحديثة فإن مصطلح «التعايش السلمي» تم تصوره كاستراتيجية للبقاء والوجود بين الحرب بالمعنى الحرفي والسلام بالمعنى المثالي، فالتعايش السلمي في هذا السياق يعني علاقة سلمية بين الدول، في حين أن التنمية المركزية لكل دولة تتطلب التعايش داخل الدولة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وقد كان ذلك أحد أهم الركائز الأساسية لدبلوماسية الدولة. وكان لينين أول من أعلن التعايش السلمي باعتباره سياسة الدولة للثورة، وخلال المرحلة الأولى من الثورة الروسية قد استعمل لوصف الفترات التي ستتخلى عنها السياسة السوفيتية في الهجوم الشامل على كل الجبهات ضد العالم غير الشيوعي والاستعاضة عنها بأساليب أكثر دهاءً من إبرام اتفاقات مع بعض الحكومات في بعض المجالات، مع الحفاظ على الضغط الشديد في أماكن أخرى، فالغرض من التعايش وفقاً للينين، كان تكتيكيًّا بحتاً، ومرحلة مؤقتة، فبواسطة طريقة تغيير طبيعة الهجوم وتخفيف الضغط، وتقسيم الدول الرأسمالية، والتي تكون متلازمة، سيسمح بالتالي لتطوير وسائل إضعاف أعداء الشيوعية .

ولكن في سياق الحرب الباردة فإن «التعايش السلمي» الذي أعلنه خروتشوف، وجعله تحولاً استراتيجيٍّا وركز وبشكل واضح عليه، حيث كان من المُسلَّم به فيما لو استمر الصراع بين النظامين، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى التدمير المتبادل للنظامين الغربي والشرقي بأكملهما.

وأما التعايش وفقاً لغورباتشوف فهو يعني استمرار الصراع بين النظم الاجتماعية، ولكن بالطرق السلمية، من دون حرب، ودون تدخل من جانب دولة واحدة في الشؤون الداخلية للأخرى، و تكون المنافسة بين النظامين في حقل سلمي .

وجاء التحول في معنى آخر مع مؤتمر باندونغ حيث تم استخدام مفهوم «تعايش»، وذلك بهدف خلق بيئة دولية أكثر سلمية، وكان نهرو قد دعا لمفهومه للتعايش السلمي بين القوتين العظمتين من حيث المبادئ الخمسة: الاحترام المتبادل لسلامة الأراضي وسيادتها، وعدم الاعتداء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض، والمساواة، والمصالح المتبادلة . وكان لدى نهرو قناعة بأن الهند يمكن أن تسهم في تحقيق المصالحة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي من خلالها «كجسر سياسي» وذلك من خلال فكرة التعايش التي كانت متجذرة في استراتيجية غاندي (ساتياغراها)، أو نبذ العنف. على الرغم من أن تلك المبادئ قد صدرت من ضمن تطلعات الدول الناشئة الحديثة الاستقلال وهي عدد من الدول الإفريقية والآسيوية، والتي جاءت إلى الواجهة بحقيقة الاعتراف لهذا المفهوم «التعايش» في عملية صنع السياسة الدولية.

إن التعايش كنموذج يجب ألَّا يقتصر على العلاقات بين الدول ولكن العلاقات داخل الدول كذلك، فالتعايش بين مختلف الشعوب والأعراق والجماعات الدينية والعشائر والقبائل وطيف من الهويات هو التحدي الكبير للقرن 21، كما أن التعايش بين الشعوب أصبح ضرورة ملحة في المرحلة المقبلة من تطور الحضارة. ومن جهة أخرى صار الكفاح من أجل تقرير المصير للشعوب عاملاً رئيسيًّا في الحروب القومية في القرن 20، وقد بلغ ذروته في استكمال عملية تصفية الاستعمار، وحاليًّا الحروب الأهلية والعرقية وصراعات الهوية هي التحديات التي تواجه نظام الدولة القائم.

وهناك سلسلة متصلة من النضال لأجل الاعتراف بهويات جديدة، وتحديات الخصام التي تواجه دولة الوحدة، وفي بعض حالات الخصام والحرب تؤدي إلى تقسيم الدول، وتكثر الأمثلة الحديثة، كفصل باكستان عن النظام السياسي الهندي، وفصل بنغلاديش عن باكستان، وانهيار يوغوسلافيا السابقة. من ناحية أخرى كان هناك أيضاً التوسع في كيان أكبر، حيث إن توسع الاتحاد الأوروبي ليس سوى مثال تقليدي واحد، وأن تشكيل الاتحاد الأوروبي هو مثال جيد لقرار وقف الحرب بين القوى العظمى. وقد عمل جان مونيه وآخرون في صياغة إطار معياري لتطوير التعايش السلمي بين فرنسا وألمانيا، من خلال التعاون الاقتصادي، ومن ثم إلى توسيع مفهوم أوروبا ككل، والذي يقدم مثالاً ممتازاً على الاعتراف بالتنوع والمحافظة على التعايش.

* الهوية والانتماء العرقي والتعايش

عندما نبحث عن كثب، فإن الغالبية الساحقة من الدول القومية في مجتمعنا العالمي تكشف عن انقسامات داخلية كبيرة، على أساس العرق والجنس والدين، كما أن نوعية هذه الاختلافات في العملية الاجتماعية والسياسية تختلف على نطاق واسع، وكذلك مدى شدة أهميتها في تسييس الشرائح الاجتماعية، سواء داخل الدول أو فيما بينها، كما أن الافتراض الأساسي بعد انتشار صراعات الهوية والعرقية، لا سيما بعد الحرب الباردة، هو إدراك أن التعددية الثقافية هي سمة دائمة في الحياة السياسية المعاصرة، فلم يعد هناك أي مبرر للتشبث في الاعتقاد بأن مجموعة من العمليات المعروفة باسم «تحديث» من شأنها أن تؤدي تلقائيًّا إلى فكرة أمة واحدة، أو أن تؤدي إلى تآكل التضامن الثقافي أو العرقي أو الديني، بل قد يحدث عكس ذلك، فالتغيير الاجتماعي يميل إلى إنتاج أقوى للهويات الطائفية، والدراسات التي تركز على أن الفرد هو الوحدة الأساسية في تحليل الصراعات، تشير إلى الحاجة إلى الهوية، باعتبار أن ذلك أمرٌ أساسيٌ لبقاء رفاهية الفرد والمجتمع الذي يوجد فيه هذا الشخص. وكان «بيرتون» وللحصول على نقاط أمثلة لمثل هذه الصراعات المعقدة التي طال أمدها مثل الصراع الفلسطيني، والصراع القبرصي، وصراع إيرلندا الشمالية؛ قد أكد على أنها جميعاً تستند إلى الحاجة إلى الهوية التي يسعى البشر لتلبيتها بغض النظر عن الظروف السياقية أو درجة الإكراه . ولأن «الاحتياجات الإنسانية الأساسية نهج»؛ ولذلك يرى أن الاعتراف بالهوية ضرورة عالمية، وباعتبارها أيضاً شرطاً أساسيًّا لتحقيق التنمية الفردية .

هناك بالطبع من المنتقدين الذين يشككون في قيمة ومدى عملية استخدام مفهوم التعايش. وهناك مدرسة فكرية واحدة تزعم أن العلاقات بين المجموعات المتنافسة لا يمكن تغييرها، وأنها الأساس ولا يمكن تحويلها، ويجادل آخرون بأن التعايش يعني قبول الوضع القائم، ويقول آخرون برأي أقوى من هذه الحجة، وهو أن التعايش ما هو إلا مصطلح يستخدم من قبل الأغلبية لكي يفرضوا سيطرتهم على الأقلية، وهو الزعم بأن الأغلبية المهيمنة ترغب في الاحتفاظ بهيمنتها من خلال اقتراح أشكال التعايش، والتي لا تقوض سيطرتهم. وما أود أن أقوله هنا، هو أن التعايش بين الطوائف والمجموعات هو في الأساس علاقة تحويلية، ديناميكية وايجابية، ومصطلح التعايش يعني أن الهوية هي القوة الدافعة الأساسية في التنمية البشرية التي تتطور من حالة الحد الأدنى من الاعتراف بالاختلاف وقبول التنوع والاعتراف المتبادل من جهة أخرى، إلى وجود علاقة تحويلية في المجتمعات، ربما على مرور الزمن قد تجد الآليات والمؤسسات المناسبة لتلتحم ومستوى أعلى في ذلك المعنى.

* مناهج لتعزيز التعايش

وهناك مجموعة متنوعة من الأساليب، التي يتم استخدامها حاليًّا في تعزيز جوانب التعايش بين الشعوب، فبعض الحركات الاجتماعية تعرف نفسها كمعززة لتسوية المنازعات، أو إدارة الصراع، وأن حل المنازعات أولوية في إدارتها، والتي تعرف نفسها عادة بأنها تسعى لجلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات، كما أن متغيرات أخرى لحل النزاعات هو الرجوع إلى مختلف الأساليب والمناهج المتقدمة في مجال الدبلوماسية كمسارٍ ثانٍ، وحيث توضع الجهود التي يجب أن تدعم عملية المفاوضات الرسمية من قبيل نهج المجاملة، ومثل تعزيز العمل على تحقيق وبناء السلام بين المجتمعات المحلية، كما أن العديد من الجهود التي تبذل لحل مشكلة النهج، إلى حد كبير من قبل جماعات المواطنين القائمة على خلق مساحة للحوار من أجل تحسين التعايش بين الطوائف، إذ إن الحركة البيئية على سبيل المثال، وهو مثال كلاسيكي لتمديد التعايش مع الطبيعة بحيث أن الطبيعة تعتبر جانباً من جوانب وجودنا على كوكب الأرض، والحركة بين الجنسين هي مثال آخر حيث يتم التركيز على الاعتراف، والتحرر، والنضال من أجل المساواة والحرية. وعادة فإن مفهوم حل النزاعات، يعني الوسائل والخطوات التي اتخذت لتشجيع التعايش السياسي بين مختلف الأطراف في الصراع.

ومع أن حل النزاع كان ضيِّقاً جدًّا بالنسبة لأولئك الذين رأوا أن هذا المفهوم لا يعني سوى التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض بين أطراف النزاع، فإن هذا النهج لا يبدو أنه ينطوي على بناء السلام بين المجتمعات المحلية، ففي كثير من الأحيان تفشل التسويات التفاوضية إذا لم يتم اتخاذ العناية الكافية لمواصلة الجهود لبناء الثقة بين المجتمعات، وهذا هو السبب الذي كان قد قدم لمفهوم آخر، ويدعى تحويل الصراع. وتحويل الصراع هو مفهوم ضمني أوسع حيث الجانب الحاسم لحل النزاع هو تحويل العلاقات الاجتماعية بين الجماعات والهويات في المجتمع. وكان مفهوم آخر قد دخل حيز الرواج فوراً بعد انتهاء الحرب الباردة، هو مفهوم منع نشوب الصراعات. وقدم للدول التي يساورها القلق من انتشار الصراعات الداخلية والحروب الأهلية فيها، وكذلك الحروب بين الشعوب داخل الدولة المركزية لمنع نشوب الصراعات فيها، على أنه يعني منع نشوب الصراعات قبل أن يحدث العنف في الواقع. وكان البديل الأكثر تطوراً لمنع الصراعات والحد من العنف في أي نقطة في دورة الصراع، بالرغم من أن هذا المفهوم كان أيضاً يعاني من صعوبات في الاصطلاح، فهناك من يناقش على أن مصطلح «منع نشوب الصراعات» يطرح كمصطلح له دلالة سلبية، مما يشير إلى أن الصراعات مستوطنة في التعايش البشري، وبالتالي هي لازمة في سياق تطوره. ومع ذلك، ماذا كان يعني المفهوم ضمناً لمنع نشوب الصراعات العنيفة؟

* التعايش السياسي والتعايش الاجتماعي

إن سياسة المبادرات التي كانت قد وجهت للتقديم لأجل وقف الصراع بين المجتمعات المحلية، كانت قد وجهت إلى الإدارة المؤسسية في أعلى مراتب الحكومات وفي يد النخب السياسية. ولأن التحيزات والأحكام المسبقة والتي تنبثق عن السياسات الحزبية والسياسة الشعبوية في كثير من الأحيان تتورط في تلك السياسات المضادة للتعايش، لذلك تأتي تلك المبادرات للتصدي لسياسة خلق مناخ أفضل للتعايش المجتمعي وليكون ضمن الأولويات، ولأن جزءاً كبيراً من الصراع الطائفي الموجود في مجتمع اليوم، والذي من المقرر على صانعي السياسة اللجوء إلى الحيلة وأسهل الطرق للبدء في التوجيه السياسي إلى المركز على أمل أن يكون «رجع الصدى» للإصلاح المؤسساتي في المجتمع على مستوى القاعدة، ومنها يمتد إلى كافة المستويات، كما يجب التداول بشأن احتياجات التعايش السياسي من خلال تنفيذ الضمانات الدستورية، إلى جانب خطوة صنع السياسات فيما يتعلق بالتعايش المجتمعي، فيما يجب أن يتم التمييز بين تشجيع التعايش السياسي والتعايش المجتمعي، لأن التعايش السياسي يتضمن وسائل تطوير نظم الحكم التي يمكن أن تستوعب بشكل أفضل التنوع العرقي والتعددية، وهذا يعني أن البحث عن أشكال الحكم الدستورية تتراوح بين الفدرالية لأشكال الحكم الذاتي والحكم الذاتي نفسه، وقد يستغرق الأمر البحث أيضاً عن أشكال وأنواع مختلفة من الأنظمة الانتخابية، والتي يمكن أن تستوعب بشكل أفضل التوازن بين المجموعات العرقية في المجتمع.

غير أن ما يميز التعايش المجتمعي، هو أن مختلف الجماعات في كثير من الأحيان، سواء كانت عرقية أو دينية، والتي تعيش في فضاء العيش المشترك، وبذلك يكون تحديد علاقتهم مع بعضهم البعض، وكيفية إمكانية تطوير هذه العلاقات واستدامتها وتطبيعها هو ما يشكل تحدياً رئيسيًّا للقرن 21، ولأنه على مستوى المجتمع المحلي التقليدي والذي لا زال يعيش وفق التصور النمطي تجاه بعضه البعض، ووفقاً لماري فتزدوف، «وفي وقت سابق من التعارف الهادف في عمل العلاقات المجتمعية والتي تبدو على مستوى الأولوية نفسها عند المعنيين، مع التأكيد على فكرة وجود الانسجام بين الجماعات المختلفة مع الهدف المقصود من إدماج الأقليات في المجتمع الأوسع في أسرع وقت ممكن. وقد وضعت التعريفات في وقت لاحق على أن تكون الأهداف أكبر بكثير من مجرد التركيز على فكرة المساواة في الحقوق الأساسية والفرص لجميع الفئات، بل يكون الهدف هو تشجيع التنوع الثقافي في الوقت نفسه، باعتباره الخيار الأفضل» .

وفي تقييم العلاقات المجتمعية العاملة في إيرلندا الشمالية فإن ماري فتزدوف تقول: إنه يتزايد الاعتراف بمثل هذا العمل مع التركيز على الخلافات، كمثال أن تكون لاهوتية ذات طابع سياسي في بعض الحالات، والتي من المرجح أن تكون محدودة، فسيكون الهدف هو العمل على تسهيل النقاش الحر داخل المجتمعات المحلية، والذي يجب أن يتم بصورة منتجة، فإذا كان لا يتم مثل هذا العمل داخل المجتمع، والذي غالباً ما يكون بسبب حالة من الخوف والترهيب وعدم وجود هياكل متاحة من خلالها يتم القيام بمثل هذا العمل المشترك وفهمه فإن النتاج سيكون على الأرجح دفاعيًّا وبالتالي أقل فعالية.

* بناء أساس للتعايش: التعليم

إن محاولة إطلاق سراح الطفل من الحدود العرقية المقيدة، وإعادة توجيه وعيه إلى حقيقة وجود ثقافات ومجتمعات أخرى وأساليب متعددة للتفكير وللحياة، ولأن المقصود هو إعادة تكييف الطفل إلى أقصى حد ممكن من أجل أن يتمكن من الخروج إلى العالم وهو خالٍ من التحيز والتحامل، ولديه القدرة والرغبة لاستكشاف العالم بكل تنوعه ، وباعتبار أن العشرية الأولى للقرن الحادي والعشرين قد اقتربت من نهايتها؛ فإن البلدان في جميع أنحاء العالم منشغلة بالتحدي المتمثل في إيجاد طرق جديدة ومحسنة لتثقيف المواطنين للعيش في ظل التنوع في الألفية القادمة، فهناك أكثر من 2 مليار من الأطفال الذين سوف يرثون الأرض.

إن الحق في التعليم هو حق أساس معترف به من قبل جميع البلدان، غير أنه في الحقيقة لا يزال غالبية أطفالنا من دون مرافق تعليم مناسبة، وبناء على ذلك يجب تبني أسس للتعايش قائمة على أن يتمكن كل طفل من الحصول على التعليم والمشاركة في صنع القرارات التي تضمن تعليمه بشكل أفضل، ولأن التعليم والتعلم هما مبدآن ووسيلتان لتعلم العيش المشترك، وهذا يعني أن المدرسة تصبح مؤسسة كبرى لتعليم التعايش متعدد الثقافات، وأن اللجنة الدولية المعنية بالتربية للقرن 21 في تقريرها عن التعليم في القرن 21 كانت قد وضعت مخطط الأعمدة الأربعة للتعليم، والذي منها التعلم للعيش المشترك وعرفته كتحدٍّ مركزي. (انظر مقدمة التعليم).

فكيف يمكننا غرس الاحترام والشعور بالحاجة إلى وجود ضرورة التعايش بين أطفال المدارس؟. كما أن عملية التثقيف حول التعايش تحتاج إلى أن تحدث على كل المستويات، من المستوى غير الرسمي بدءاً من كليات المعلمين، والمدارس ذاتها، إلى الجماعات المحلية، والمنظمات غير الحكومية إلى وسائل الإعلام والشركات، وجميع الوسائل غير الرسمية بما في ذلك الأسر والمشاهير والكتاب والشعراء. أنه لتحدٍّ واضح في المجتمعات المتنوعة ثقافيًّا والتي تعكس بصورة مرضية احتياجات جميع الفئات الاجتماعية والثقافية في المناهج الدراسية، وضرورة تكييف المناهج الدراسية الأساسية المشتركة لتلبية الاحتياجات المحلية وإعادة صياغة التقاليد، وهو أمر ذو أهمية وحيوية، والتي يمكن أن تكون حاسمة، إذا ما كانت العلوم الاجتماعية ومناهج العلوم الإنسانية موضوعية وتصاغ لأجل ذلك، والتي تعكس على نحو متزايد، اهتماماً دوليًّا ووطنيًّا ومحليًّا بالتعددية وبالمجتمعات المتعددة الثقافات، كما أن عمليات تطوير المناهج الدراسية بحاجة إلى أن تصبح أكثر ديمقراطية، باعتمادها نهج اللامركزية التي تتيح إدخال ومشاركة جميع الفئات ذات المصلحة.

إن التعليم القائم على التعدد الثقافي هو وسيلة ناجعة للطلاب، لرسم الهندسة الاجتماعية التي تقوم على تقدير المجتمعات التعددية التي ينتمون إليها . فالتعليم والتعلم هما دائماً العمليتان الثقافيتان اللتان تشتملان على محركات النسج الاجتماعي المحدد، فعلى الرغم من تعلم الطلاب استخدام أفضل الأمثلة المستمدة من ثقافاتهم الخاصة، والاحتفاظ بخصو صية تلك الأمثلة المحددة ثقافيًّا، إلا أن هناك حاجة متزايدة للتعليم متعدد الثقافات وذلك للمساعدة في نزع فتيل العقليات النمطية الراسخة، والتحيزات التي قد غرست لتكييف بيئة ثقافية خاصة باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من هذه التصورات الشخصية والأحكام الذاتية وغيرها. ومع ذلك إذا ما كان للتعليم المتعدد الثقافات في أن ينجح في تحقيق أهدافه، إلا أنه لا يمكن أن يكون مجرد برنامج مخصص للتنفيذ في المراحل الحاسمة من الصراع في محاولة عرجاء لتسوية الخلافات بين الفئات الاجتماعية المتضاربة، ولكن ينبغي أن يكون هناك مشروع طويل الأجل يتناول التعليم متعدد الثقافات مباشرة مع الحفاظ على الهوية. وكما أن التربية من أجل السلام كانت رد فعل لسياسات الحرب الباردة، فينبغي أن ينظر للتعليم المتعدد الثقافات بوصفه أداة أساسية وضعت للحد من الصراع العرقي، وهو أداة مهمة في تعزيز التعايش من خلال التعليم و المناهج الدراسية. ففي نهاية القرن 20 كان قد تم الاتفاق على أن تكون المناهج المعترف بها عالمية، وينبغي أن تكون مفتوحة ونشطة ومرنة ومتعددة الثقافات. لكن ترجمة هذه المثل العليا إلى حقيقة واقعية وذات مغزى في المدارس والفصول الدراسية يشكل تحدياً هائلاً في جميع البلدان. فالمناهج الدراسية الأساسية تحتاج إلى التكييف مع الظروف الداخلية وتأخذ في الاعتبار الهويات المحلية، كما أن ذلك يتطلب وجود نهج تشاركي لتطوير المناهج الدراسية، فأصحاب المصلحة يجب أن يتم توسيعهم إلى ما هو أبعد من واضعي السياسات في وزارات التربية والتعليم، بل ويجب إشراك العاملين في مجال التعليم المتخصص والآباء والمعلمين وقادة المجتمع والزعماء الدينيين والطلاب أنفسهم.

* الحاجة إلى وجود تحول في السياسة

الصراع موجود على جميع مستويات السلوك البشري ولكن هذا لا ينعكس دائماً كعامل محدد في صنع السياسات، فتضارب وجهات النظر يؤكد على ضرورة شرعية حقيقة وجود الحاجة إلى وسائل العيش المشترك، والذي لا بد من إيجادها على الرغم من هذه الخلافات. ففي حين ينخرط العديد من الناس في عمل التعايش، فإنه ليس بالضرورة أن تنعكس هذه المبادرات دائماً على مستوى السياسة العامة. الساسة والحكومات وقادة الرأي يجب أن يقبلوا بأن يكون التعايش هدفاً مشروعاً. وهناك اقتراح لإقامة إدارة أو وزارة خاصة للتعايش في جميع البلدان كوزارات البيئة التي أنشئت في 1970.

إن تعلم العيش المشترك لا يسقط من الفضاء، ومن الواضح أن التعايش هو سلوك مكتسب، وهو ما يتطلب عملية مستمرة من التعلم في المدرسة وعلى حد سواء داخل المجتمع ككل. وهذا يتطلب الهياكل والمؤسسات التي تدعم وتعزز التعايش من خلال العديد من المشاريع والبرامج. وعلاوة على ذلك، فإنه يتطلب تمويل هذه الجهود والالتزام من قبل الحكومة المركزية. والمثال الممتاز على هذه الجهود هو عمل مجلس العلاقات المجتمعية في إيرلندا الشمالية، والتي التزمت فيه الحكومة بموارد للمجلس لتعزيز التعايش الاجتماعي، ومثل هذا النموذج يجب أن يتكرر في بلدان أخرى، كما يجب أن يكون هناك التزام حكومي بالموارد المقدمة للمجلس لكي يكون فعالاً.

شكل آخر من أشكال الشرعية، هو ما يمكن عمله من خلال البلديات والهيئات الحكومية المحلية، ولأن هذه المؤسسات هي في الخط الأمامي للعمل من أجل التعايش، كما أنها تقع في الأماكن التي يعيش العديد من المجتمعات المحلية فيها معاً، وهناك ما يتعين وما يمكن للكثير القيام به لتطوير الفهم من خلال مجموعة من الخطط والبرامج، والتي يمكن أن تتراوح بين توفير الموارد لدعم المراكز الاجتماعية حيث يمكن أن تأتي جميع الطوائف للتعلم واللعب، ويمكن أن تكون في تقديم الألعاب وتشجيع الرياضة بين مختلف الطوائف، كما يمكن أن تكون هناك برامج لتعلم اللغات الأخرى، وتشجيع اللقاءات بين الطوائف، لمعرفة تاريخ الآخرين، كما يجب على البلديات والهيئات الحكومية المحلية والهيئات المنتخبة ديمقراطيًّا أيضاً، والتي لديها السلطة والموارد اللازمة، بأن تسعى لتقديم الدعم الفني للعمل في بناء التعايش المجتمعي.

* استنتاج

تعزيز التعايش الإيجابي بين الدول وبين الشعوب يشكل تحدياً رئيسيًّا للقرن 21. ولحسن الحظ هناك اليوم مجموعة من الحركات الاجتماعية قد بدأت في التعامل مع هذه القضايا، سواء على الصعيد الدولي أو الوطني أو على المستوى السياسي ومستوى المجتمع المحلي. وما يجب أن نقوله: هو أن التعايش السياسي لكي يكون ناجحاً يتطلب الاستثمار في التعايش على مستوى المجتمع المحلي. نحن بحاجة لجمع من الخبرات والطاقات من مجموعة متنوعة من مواطن الحركة الأساسية، وبناء نهج متعدد الأوجه لهذه المسائل. الحركات الاجتماعية تعمل بالضرورة على جوانب التعايش، وحينها سيكون الأثر التراكمي لهذه التحركات، والذي من شأنه أن يخلق مساحة للتعايش.

إن عمود مبدأ التعايش هو نظام التعليم، ونظام التعليم يتطلب تحولاً كبيراً في التركيز، حيث العيش المشترك ضمن التنوع والذي يجب أن يصبح قيمة مبدئية في تعليم الطفل. فنحن بحاجة إلى الاستثمار بكثافة في أطفالنا، وهذا يعني أن مواقفنا تجاه التعليم تتطلب إعادة تقييم أساسية، حيث حضور التعليم الذي ينبغي أن يكون تفاعليًّا بين المجتمع والمدرسة والطفل، وهذه هي العلاقة التي يمكن أن تخلق فضاءً للتسامح وقبولاً للتنوع. كما أن الاستثمارات في تعليم الأطفال هي في صلب عملية الاستثمار في ضمان عالم آمن للاختلاف.

المصدر، مجلة الكلمة

   

أخطاء ميثاق الأمم المتحدة

أنتبه, فتح في نافذة جديدة. صيغة PDFطباعةأرسل لصديقك

كتبها Administrator الثلاثاء, 06 سبتمبر 2011 21:08

أخطاء ميثاق الأمم المتحدة

الديباجة

-"وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية "و"والتشجيع على ذلك إطلاقا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفرق بين الرجال والنساء "الفصل الأول المادة الأولى ،و"لا تفرض الأمم

المتحدة قيودا تحد بها جواز اختيار الرجال والنساء للاشتراك بأية صفة وعلى وجه المساواة فى فروعها الرئيسية والثانوية "الفصل الثالث المادةالثامنة والخطأ هنا هو تساوى النساء مع الرجال فى الحقوق وهو تخريف لأن الله جعل للرجال على النساء درجة أى سلطة هى القوامة فقال بسورة البقرة "وللرجال عليهن درجة "وقال بسورة النساء "الرجال قوامون على النساء "ومن ثم فقد انتفى التساوى فى إصدار الأحكام زد على هذا أن النساء عليهن

واجبات ليست على الرجال مثل إرضاع الأطفال وعدم الصلاة فى وقت الحيض فكيف يتم تساويهم فى كل الحقوق والواجبات إذا كان الله أعطى لكل منهم طبيعة مختلفة أليس هذا عجيبا ؟

-"وأن نبين الأحوال التى يمكن فى ظلها تحقيق العدالة واحترام الإلتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولى "والخطأ هو

الإلتزام بالمعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولى وهو يخالف أن

المسلمين لا يلتزمون بأى معاهدة إذا كانت تخالف حكم الله وفى هذا قال

تعالى بسورة المائدة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون "لأن

التزامهم بما يخالف حكم الله يعنى كفرهم زد على هذا أن القانون الدولى

شىء غير موجود أصلا لأن القانون الدولى عند كل دولة هو قانونها وليس غيره

وحتى لو كان هناك اتفاق على بعض البنود فإن هناك خلافات هائلة بين الدول

فى تفسيره

-"وأن نكفل بقبولنا مبادىء معينة ورسم الخطط اللازمة لها ألا تستخدم القوة المسلحة فى غير المصلحة المشتركة "والخطأ هو قبول المبادىء المعينة والمسلمون لا يقبلون إلا ما حكم الله به مصداق لقوله تعالى بسورة المائدة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون "ثم دعونا نتساءل أى مصلحة مشتركة بين المسلمين وغيرهم فى عدم استخدام القوة المسلحة ؟قطعا ليس هناك أى مصالح بدليل أن 99% من مشكلات المسلمين لم تحل منذ قيام

الأمم المتحدة

الفصل الأول

-"إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذى يقضى بالتسوية بين الشعوب فى الحقوق وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها "المادةالأولى والخطأ هو تساوى الشعوب فى الحقوق وأن يكون لها حق تقرير مصيرها وهو تخريف لأن التساوى فى الحقوق يعنى وحدة الأنظمة فى كل دول العالم وهذا غير حادث ومن ثم فالحقوق ليست متساوية سواء داخل الدولة الواحدة أو بين الدول وبعضها زد على هذا أن مبدأ تقرير المصير يخالف أن الناس كلهم ليس لهم حق فى تقرير مصيرهم حسب أهواءهم وإنما حسب دين الله فالمسلمين ليس لهم حق اختيار حكم سوى حكم الله مصداق لقوله تعالى بسورة الأحزاب "ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من

أمرهم "

الفصل الثانى

-"قبول أية دولة من هذه الدول فى عضوية الأمم المتحدة يتم بقرار من الجمعية العامة بناء على توصية مجلس الأمن "المادة الرابعة والخطأ هو أن قبول دولة فى العضوية يتم بقرار الجمعية العامة بناء على توصية مجلس

الأمن وهذا الخطأ من مثالب النظام الذى قامت عليه الأمم المتحدة حيث يحكم المجلس الأمنى خاصة الدول الخمس دائمة العضوية فى قبول دولة أو رفضها فحق الاعتراض وهو ما يسمونه الفيتو يمنع أى دولة من قبولها كعضو فى الأمم المتحدة وهو ما حدث مع الصين الشعبية التى لها حق الفيتو حاليا عندما جعلت الدول المنتصرة الصين الوطنية تايبيه هى صاحبة المقعد وحرمت الصين الشعبية من هذا الحق لسنوات عديدة زد على هذا أن أى دولة لا تحتاج لإثبات وجودها فى هيئة فاشلة لأن وجودها هو ثابت بقيامها أرادت دول الأمم

المتحدة أو لم ترد

-"يجوز للجمعية العامة أن توقف أى عضو اتخذ مجلس الأمن من قبله عملا من أعمال المنع أو القمع عن مباشرة حقوق العضوية ومزاياها "المادة الخامسة والخطأ هو منع العضوية عن العضو المتخذ ضده عقوبات من مجلس الأمن وهو تخريف لأن العضوية ضمن الدول لا تتوقف على منع أو منح من مجموعة دول وإنما على قوة هذه الدول

الفصل الرابع

-"تصدر الجمعية العامة قرارتها فى المسائل الهامة بأغلبية ثلثى الأعضاء الحاضرين المشتركين فى التصويت "المادة 18 والخطأ هو الاعتماد على التصويت بالأغلبية فى القرارات وهو جنون لأن الأغلبية قد تكون على الباطل وتكون الأقلية على الحق فيتسبب ذلك فى خطأ القرار والدول التى تسمى الكبرى فى أحيان كثيرة تكون مخطئة أى على الباطل ومع هذا تصدر لها قرارات فى صالحها بسبب أن الأغلبية تقف معها رهبة أو رغبة والواجب صدور القرارات بناء على القوانين وليس على التصويت بالأغلبية ومن الإشارات الهامة فى هذا أن الرسل(ص)رغم كونهم أعدل البشر فإنهم لم يحصلوا أبدا على الأغلبية فى التصويت وإنما على الأقلية فهل الأغلبية على الحق؟قطعا لا

-"لا يكون لعضو الأمم المتحدة الذى يتأخر عن تسديد اشتراكاته المالية فى

الهيئة حق التصويت فى الجمعية العامة "المادة 19 والخطأ هو إيقاف التصويت

لمن لا يدفع اشتراكه المالى وهو تخريف لأن معنى هذا أن الدول الفقيرة

العاجزة عن سداد الاشتراك لن يكون لها مكان فى الهيئة ومن ثم فهى هيئة

قاصرة على الأغنياء وهو ما يتنافى مع الديباجة التى تعطى الحق للكل دون

إشارة للمال وهذا النص يحرم الدول الفقيرة من التصويت حتى عند مناقشة

مشاكلها فى الجمعية العامة وهو ما يناقض مفهوم سيادة تلك الدول زد على

هذا أن الهيئة مكان لحل مشاكل الدول وليست مكان لمن يدفع وحده وإلا أصبحت

تناقض نفسها فى الديباجة التى تنادى بسعادة كل البشرية

الفصل الخامس

-"يتألف مجلس الأمن من 15 عضوا من الأمم المتحدة وتكون الصين وفرنسا

وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة أعضاء دائمين وتنتخب الجمعية عشرة

أعضاء أخرين من الأمم المتحدة ليكونوا أعضاء غير دائمين فى المجلس

"المادة 23 والخطأ هو وجود أعضاء دائمين وغير دائمين فى مجلس الأمن وهو

يناقض الديباجة التى تعتبر الدول والأفراد لهم نفس الحقوق والواجبات زد

أن الدول الخمس ليس لها مميزات على الدول الأخرى ففى المساحة هناك دول

أكبر من فرنسا وبريطانيا أكثر من ثلاثين دولة وهناك دول أكثر سكانا منهما

وهناك دول أقوى جيوشا وأكثر عددا منهما وهناك دول أقوى اقتصادا من كثير

من الدول الخمسة كاليابان وألمانيا

-"يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا

الميثاق "المادة 25 والخطأ هو تعهد الدول بقبول قرارات مجلس الأمن

وتنفيذها ويخالف هذا أن المسلمين لا يلزمهم قبول قرارت مجلس الأمن

وتنفيذها إذا كانت تتعارض مع حكم الله

-"تصدر قرارات مجلس الأمن فى المسائل الأخرى كافة بموافقة أصوات 7 من

أعضائه "المادة 27 وفى الفصل العاشر فى المادة 67 "تصدر قرارات المجلس

الاقتصادى والاجتماعى بأغلبية أعضائه الحاضرين المشتركين فى التصويت

"والخطأ هو صدور القرار بالأغلبية وكما قلنا سابقا أن الأغلبية لا تعبر

دوما عن الحق بل عن الباطل واستشهدنا بأن رسل الله(ص)لم يفوزوا أبدا برضا

الأغلبية وإنما بالأقلية فهل هذا كونهم على الباطل ؟قطعا لا

الفصل السابع

-"لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التى لا تتطلب استخدام

القوات المسلحة لتنفيذ قراراته وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة

تطبيق هذه التدابير ويجوز أن يكون منها وقف الصلاة الاقتصادية والمواصلات

الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من

وسائل المواصلات "المادة 41 والخطأ هو جواز وقف الصلات الاقتصادية وغيرها

كلها والإسلام لا يجيز وقف الصلات الاقتصادية فى الطعام والشراب والدواء

والكساء لأن هذا يؤدى لقتل البشر ومنهم من لا ذنب له فى بدء دولته

بالعدوان وإنما هو إنسان يعيش لهمه اليومى من طعام وشراب ولا يدرى شيئا

عن السياسة وقد حرم الله قتل النفس التى حرم إلا بالحق ولا حق هنا لأى

دولة فى منع الطعام والشراب عن أفراد دولة غيرها

الفصل التاسع

-"الوكالات المختلفة التى تنشأ بمقتضى اتفاق بين الحكومات والتى تضطلع

بمقتضى نظمها الأساسية بتبعات دولية واسعة فى الاقتصاد والاجتماع

والثقافة والتعليم والصحة وما يتصل بذلك من الشئون يوصل بينها وبين الأمم

المتحدة وفقا لأحكام المادة 63 "المادة 57 والخطأ هنا هو تحمل المسلمين

للتبعات الدولية فى الاقتصاد والثقافة والتعليم وغيرهم وهو تخريف لأن

كثير من أحكام الإسلام تتعارض مع التبعات الدولية مثال هذا حكم الربا فى

الاقتصاد فهو محرم فيه بينما مباح فى العالم ومثال هذا ثقافيا حكم كشف

عورة المرأة فهو محرم فيه بينما مباح فى العالم

الفصل 14

"يتعهد كل عضو من أعضاء الأمم المتحدة أن ينزل على حكم محكمة العدل

الدولية فى أية قضية يكون طرفا فيها "المادة 94 والخطأ هو التحاكم أمام

محكمة العدل الدولية وهو يخالف أن المسلمين لا يجوز لهم التحاكم لغير

الحكم المنزل من عند الله مصداق لقوله تعالى بسورة المائدة "ومن لم يحكم

بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون "

الفصل 16

"إذا تعارضت الالتزامات التى يرتبط بها أعضاء الأمم المتحدة وفقا لأحكام

هذا الميثاق مع أى التزام دولى أخر يرتبطون به فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق "المادة مائة وثلاثة والخطأ هو أن العبرة هو بالتزام ميثاق الأمم المتحدة وليس أى ميثاق غيره ويخالف أن المسلمين ليس لهم التزام سوى بميثاق الله وهو حكم الله أى الإسلام وفى هذا قال تعالى بسورة الأحزاب"ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون

لهم الخيرة من أمرهم "ومن ثم فليس أمام المسلمين اختيار سوى حكم الله.

الفصل 17

"إلى أن تصير الاتفاقات الخاصة المشار لها فى المادة 43 معمولا بها على الوجه الذى يرى معه مجلس الأمن أنه أصبح يستطيع البدء فى احتمال مسئولياته وفقا للمادة 42 تتشاور الدول التى اشتركت فى تصريح الدول

الأربع الموقع عليه فى ثلاثين أكتوبر 1943 هى وفرنسا وفقا لأحكام الفقرة الخامسة من ذلك التصريح كما تتشاور الدول الخمس مع أعضاء الأمم المتحدة الأخرين كلما اقتضت الحال للقيام نيابة عن الهيئة بالأعمال المشتركة التى قد تلزم لحفظ السلم والأمن الدولى "المادة مائة وستة والخطأ هو إعطاء الدول الخمس حق القيام بحفظ السلم والأمن الدولى بالحرب أو بغيرها فقط نيابة عن الأمم المتحدة وهو خبل لأن الدول الخمس قد استغلت ذلك فى صالحها حيث شنت العديد من الحروب ليس لحفظ السلم والأمن وإنما من أجل مصالحها فى السيطرة على الدول الضعيفة كما أن هذه الدول حاربت بعضها بطريقة الوكيل للدفاع عن مصالحها كما فى حرب الكوريتين وفيتنام والخليج ومن ثم فليس من حق أحدا أن يحارب نيابة عن أحد حتى ولو كان ما يسمى بالأمم المتحدة

 

التربية على حقوق الإنسان

أنتبه, فتح في نافذة جديدة. صيغة PDFطباعةأرسل لصديقك

التربية على حقوق الإنسان

عبد المجيد الانتصار

أقرا المزيد: التربية على حقوق الإنسان

   

صفحة1 من 2