أنتبه, فتح في نافذة جديدة. صيغة PDFطباعةأرسل لصديقك

كلمة السيد كمال الجندوبي بمناسبة منح نقابة المحامين بباريس الجائزة السنوية للمحامي المعتقل مهند الحسني

بتاريخ 26-11-2010 اقيم في قصر العدل بباريس مراسيم افتتاح اجتماع المؤتمر السنوي لنقابة محامي باريس بحضور السيد وزير العدل الفرنسي وأركان الهيئات القضائية والتشريعية والتنفيذية والمحلية والأكاديمية الفرنسية وعدد كبير من المحامين والمدعوين الفرنسيين والأجانب، وقد منح جائزة وميدالية حقوق الإنسان هذا العام إلى المحامي السوري المعتقل مهند الحسني . هذا وقد تسلم السيد كمال الجندوبي رئيس الشبكة الاورومتوسطية لحقوق الانسان الميدالية نيابة عن مهند الحسني ، وقد القى السيد الجندوبي كلمة في الحفل فيما يلي نصها:

السيد وزير العدل

السادة رؤساء الهيئات القضائية

السيد نقيب محامي باريس

السيد نائب نقيب محامي باريس

سيداتي سادتي....

إنه لشرف كبير لي وليس بدون انفعال وتأثر عميق، أن أمثل - في هذا الاجتماع المهيب في هذه القاعة الأسطورية وبحضور غني ومشرف - المحامي مهند الحسني، رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان " سواسية " التي تعني بالعربية "متساوون ".

لقد عوقب صديقي بصورة مضاعفة وبطريقة عشوائية وجائرة من قبل السلطات السورية أولا، وثانيا - وينبغي أن أضيف على الخصوص ، من قبل نقابة المحامين في دمشق المفروض فيها الدفاع عنه، ليس فقط بدافع روح الزمالة ، ولكن بدافع التمسك – والذي ينبغي أن يكون غير مشروط – بقيم العدالة والحق، واستقلالية مهنة المحاماة وبأولوية الحقوق الأساسية التي تتميز بها المجتمعات الديمقراطية حقا.

وكما تقول الحكمة أو المثل السائر "لا أحد نبيا في بلده ". فالميدالية التي تمنحها، اليوم، نقابة محامي باريس إلى مهند الحسني هي البرهان بدون أدنى شك على ذلك. ها هو، في الواقع ، محامي – مواطن يتطوع للدفاع بحماس عن ضحايا الدسائس السياسية – القضائية في بلده؛ ويتجرأ على فضح التعسف، والتسلط والاستبداد ويدافع، بشجاعة مثالية، عن حقوق الإنسان، والحريات الأساسية ، والديمقراطية ، باختصار يدافع عن كرامة المواطن الحر والسيد....وينتهي بأن يجد نفسه مرميا في السجن وراء القضبان، مسحوقا بدوره من قبل منظومة كريهة تتفنن في زراعة الرعب وفي قمع و إرغام أدنى صوت مخالف على الصمت.

أكثر من مجرد العرفان بالجميل، كان من المقدر لمهند أن يعبر به فيما لو قدر له أن يكون حاضرا بيننا، وأن يعبر لكم عن شرف نيله وسام نقابة محامي باريس الذي أحمله شخصيا له.

لكم جزيل الشكر، أيها السيد النقيب، وأيتها السيدات والسادة أعضاء نقابة محامي باريس، ومن خلالكم إلى جميع زملائكم المحامين، من أجل هذه المبادرة المثالية والجديرة بالاقتداء.

لا أخاطبكم فقط باسم مهند الذي يعاني يوميا من سوء المعاملة غير الإنسانية والمهينة في السجون السورية، ولكن أيضا بصفتي رئيس الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان (التي تضم أكثر من 80 منظمة من ضفتي المتوسط) ، وباسم جميع معتقلي الرأي الذين تفيض بهم، للأسف، السجون العربية.

ونقابة محامي باريس تعرف جيدا هذه الأوضاع المؤلمة جدا، بالنسبة لنا نحن المدافعين عن حقوق الإنسان والموصوفة في العالم العربي بانقياد وخضوع القضاء للسلطات التنفيذية القائمة، وبتعسف وجور الادعاءات ، وبانتهاك حقوق الدفاع، وبإصدار الأحكام العشوائية والأكثر شدة.

وكما هو معروف، يشارك عدد من أعضاء نقابة باريس- وهذه ليست أقل الصفات لنقابة تحي ذكرى مرور مائتي عام على تأسيسها- في الدفاع يوميا عن نساء ورجال هنا وهناك من ضحايا التعسف.

و القوة الرمزية لمنح ميدالية أو جائزة الدفاع عن حقوق الإنسان إلى مهند، هي في السقوط الداوي لهذا السور الصيني المصطنع الذي تحاول السلطات السورية عبثا فرضه بهدف خنق الصوت الحر الذي لا يقهر لمحام مستقل.

والقيم التي يدافع عنها مهند، والتي يدفع من أجلها ثمنا باهظا ومعه جميع المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان مثل هيثم المالح ابن الثمانين والمرمي في السجن وأنور البني وغيرهم.

هذه القيم هي ذاتها التي تدافع عنها الديمقراطيات الكبيرة، وهي القيم التي أطلق عليها ادغار موران " قيم عالمية الصفات" وتعني دولة الحق والقانون، وحقوق الإنسان، والديمقراطية ، وكرامة الشخصية الإنسانية والحقوق الأساسية. لهذا السبب سوف أسمح لنفسي مستفيدا من حضور السيد الوزير بيننا لألتمس تدخل حكومة الجمهورية الفرنسية من أجل وضع حد لهذا الظلم غير المقبول، وأن يستخدم جميع السلطات التي في حوزته لكي يسترد مهند حريته وخصوصا، لكي يتمكن من ارتداء ثوب المحاماة من جديد ليتابع معركته العادلة من أجل الدفاع عن مثله ومثلنا .

ويقدم لي فولتير كلمة الختام مع هذه الجملة المأخوذة من "بحث في التسامح" لكي أعبر باسم مهند وباسمي الشخصي عن امتناننا وعرفاننا بالجميل: " لا حاجة لفن كبير، وبلاغة مرغوبة جدا، لإثبات أن على المسيحيين أن يتقبل بعضهم البعض الآخر. وأذهب بعيدا أكثر: وأقول لكم أنه ينبغي النظر إلى جميع البشر مثل إخوتنا."

إن موقف محاميي باريس في هذا الفصل أو المشهد من النضال ضد التعسف والطغيان هو التعبير الكامل بالملموس عن هذه الحكمة الفولتيرية العميقة.

مرة أخرى أيتها السيدات والسادة شكرا لكم من أعماق القلب.