سمر أزمشلي
بنوده التنفيذية لم تصدر بعد وينتظر أن يخفف من حدة أزمة السكن ...
لا
تزال مفاعيل القانون الرقم 11 الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد
أخيراً، حول تملك غير السوريين العقارات في الأراضي السورية، تثير جدالاً
واسعاً في سوق العقارات السورية، تزامن مع عدم فهم دقيق لأحكامه، خصوصاً
أن تعليماته التنفيذية المفسّرة له لم تصدر بعد.
وأوضح معنيون أن القانون الجديد الذي ألغى العمل بالقانون السابق الرقم
198 لعام 1952، يهدف إلى تنظيم عملية تملك الأجانب بيعاً واستئجاراً
للأراضي والعقارات داخل التنظيم وخارجه، إذ سمح للأشخاص المقيمين في شكل
دائم بتملك عقارات على أن تنتقل بعد وفاتهم إلى أشخاص سوريين، وسمح
لورثتهم خلال مدة أقصاها سنة بيع هذه العقارات شرط انتقالها إلى سوري.
ويحظر القانون إنشاء أي حق عيني عقاري في الأراضي السورية لاسم أو لمنفعة
شخص غير سوري طبيعياً كان أو اعتبارياً أو تعديله أو نقله، باستثناء تملك
الأسرة بقصد سكنها الشخصي وعلى وجه الاستقلال عقاراً واحداً مبنياً برخصة
نظامية، وفق نظام ضابطة البناء، وحدة سكنية متكاملة لا تقل مساحتها
الدنيا عن 200 متر مربع، ولا يقبل طلب الإفراز الطبقي لهذا العقار، في
حال قابليته للإفراز، على أن يجري التملك بترخيص مسبق يصدر بقرار عن وزير
الداخلية.
واعتبر المهندس مروان ابو رسين صاحب مكتب الرشيد في منطقة قدسيا احد
اماكن اكتظاظ العراقيين، أن القانون «مشجع واكثر تشدداً من القانون
السابق». وتوقع أن «ينعكس على حركة السوق التي تشهد جموداً منذ فترة،
وعلى أسعار العقارات في سورية التي باتت تعتبر الأغلى في العالم».
وأشار إلى أن القانون الجديد «سمح بشروط خاصة جداً بتملك الأجانب، ومنها
ان تسمح له وزارة الداخلية بالتملك بعد موافقة الجهات الأمنية الخاصة،
على أن يملك إقامة دائمة وشرعية في سورية، وألا تقل مساحة العقار بقصد
السكن عن 200 متر مربع ضمن ارض نظامية ما يعادل عملياً تملك «فيلا»
سياحية، وبالتالي هي موجهة الى شريحة معينة من الراغبين في التملك في
سورية».
وأكد أحد المحامين المتخصصين في العقارات، أن القانون «تشدد في التملك،
إذ كان مسموحاً للفرد تملك منزل فأصبح التملك للأسرة فقط»، لافتاً الى ان
«الاستثناءات كانت مفتوحة سابقاً ولا تزال، لكن الصلاحية انتقلت من رئيس
الوزراء الى رئيس الجمهورية».
وأوضح ابو رسين ان المواطن الخليجي «كان يتملك في السابق من دون ان يكون
حاصلاً على إقامة دائمة او موافقة الجهات الأمنية الخاصة». لكنه لفت إلى
أن العراقيين الذين «ساهموا في رفع أسعار العقارات في شكل كبير في
السنوات الأخيرة كانوا يتملكون بطرق «ملتوية» اي من طريق «حكم محكمة»
وليس طابو (فراغ) نظامي».
ومنع القانون على الأجنبي، الذي اكتسب ملكية عقار التصرف به بأي وجه من
وجوه التصرف الناقل للملكية قبل مضي خمس سنوات على اكتساب الملكية. وفي
حال انتقل عقار واقع داخل المخططات التنظيمية للوحدات الإدارية والبلديات
أو خارجها، بطريقة الإرث أو الانتقال أو الوصية يسقط حقه فيه، وعليه نقل
ملكيته الى مواطن سوري خلال سنة من تاريخ انتقاله إليه، وألا ينتقل الى
إدارة أملاك الدولة لقاء دفع قيمته المقدرة وفق قانون الاستملاك.
وعن تملك السفارات الأجنبية للعقارات، أعلن ابو خالد صاحب مكتب عقاري، أن
«السفارات تحتاج إلى موافقة رئيس مجلس الوزراء»، كما يحكم هذا الموضوع
أيضاً المعاملة بالمثل بين الدول». وأوضح أن القانون «سمح للشخص المقيم
في شكل دائم استئجار أي نوع من الحقوق العينية العقارية داخل المخططات
التنظيمية أو خارجها لمدة 15 سنة، على ان يخضع التملك في المناطق
الحدودية الى شرط مسافة الابتعاد التي يحددها وزير الدفاع بقرار».
وفي انتظار التعليمات التنفيذية للقانون، أعطت وزارة الداخلية حق بت
طلبات الترخيص خلال شهرين من وصول الطلب، على ان يعتبر قرارها بعدم
الموافقة قطعياً، لا يقبل طريقاً من طرق الطعن او المراجعة، لكنه سمح
بإعادة تجديد طلب الترخيص بعد سنة من قرار عدم الموافقة».
وكانت أسعار العقارات سجلت في السنوات الأخيرة ارتفاعاً قياسياً، اثارت
قلق ذوي الدخل المحدود، اذ اقتربت أسعار الشقق في الاحياء الراقية في
دمشق مثل المالكي والمزة من الأســعار في باريس ولندن. ويصل سعر الشقة
إلى نحو 90 مليون ليرة سورية (نحو 1.7 مليون دولار) واكثر.
ويعول السوريون على الإصلاحات التشريعية في إعادة التوازن الى سوق
العقارات، وجعلها في متناول الشرائح الأوسع من المواطنين، علماً ان رئاسة
الوزراء أصدرت قانون التطوير والاستثمار العقاري العام الماضي، لتشييد
مدن وضواح سكنية متكاملة ومعالجة مناطق السكن العشوائي وتأمين الاحتياجات
الإسكانية لذوي الدخل المحدود.
ويقدر عدد المحتاجين الى سكن في سورية بنحو 1.5 مليون شخص على الأقل، في
حين لم تتجاوز الزيادات السنوية في عدد المساكن 10 في المئة من الحاجة.
وتعلن الخطة الخمسية العاشرة الحاجة الى بناء 687 الف وحدة سكنية لتخطي
أزمة السكن في سورية.
وأشار تقرير أعدته «شركة المزايا القابضة الكويتية» الى ان ظاهرة السكن
العشوائي المنتشرة في شكل غير طبيعي في أطراف دمشق، والنمو السكاني الذي
يوصف بـ «الانفجار»، ساهما في نمو الطلب على العقارات. وازداد سكان سورية
منذ 1960 اكثر من أربعة أضعاف، إذ تشير التقديرات الى أنه سيتجاوز 30
مليون نسمة في 2025.
الحياة