] إشكالية الترخيص لدى منظمات حقوق الإنسان في سوريا [     

        

كمال شيخو

    تعمل منظمات حقوق الإنسان في سوريا منذ ما يقارب سبعة عشر عاما بشكل غير قانوني أي أنها غير مرخصة و تعمل بسياسة غض النضر , و ما يزال هذا الوضع قائما إلى اليوم دون أن تحرك وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل أي ساكن و يستند تشكيل الجمعيات في سوريا إلى القانون المدني الصادر في أيار 1949 وتعديلاته، وقد طالت هذه التعديلات بصورة جوهرية موضوع الجمعيات والمؤسسات في ذلك القانون، وخاصة التعديلات التي أصابته في موضوع الجمعيات استناداً إلى القانون رقم 384 لسنة 1956 الذي عممت تطبيقاته في مصر لتصل إلى سوريا خلال فترة الوحدة السورية – المصرية شباط 1958- أيلول 1960، ثم جاءت تعديلات لاحقة في العام 1969 مستندة إلى المرسوم التشريعي رقم 224 وهو الذي ينظم اليوم عمل "الجمعيات والمؤسسات الخاصة" في إطار القانون السوري.

 يتشكل الإطار القانوني لوجود ونشاط الجمعيات والمؤسسات الخاصة في سوريا وفقاً للصيغة التالية:

تعتبر جمعية في تطبيق هذا القانون كل جماعة ذلت تنظيم مستمر لمدة معينة أو غير معينة تتألف من أشخاص طبيعية أو اعتبارية لغرض غير الحصول على ربح مادي .

كل جمعية تنشأ لسبب أو لغرض غير مشروع أو مخالفة للقوانين أو للآداب أو يكون الغرض منها المساس بسلامة الجمهورية أو بشكل الحكومة الجمهوري تكون باطلة لا أثر لها.

يشترط في إنشاء الجمعية أن يوضع لها نظام مكتوب موقع من المؤسسين.

ويجب إلا يشترط في تأسيسها أو ينضم إلى عضويتها أي من الأشخاص المحرومين من مباشرة الحقوق السياسية. ويجب أن يشتمل النظام على البيانات التالية:

أ - اسم الجمعية والغرض منها ومركز إدارتها على أن يكون هذا المركز في الجمهورية العربية السورية.

ب -اسم كل من الأعضاء المؤسسين ولقبه وسنه وجنسيته ومهنته وموطنه.

ج -موارد الجمعية وكيفية استغلالها والتصرف فيها.

د - الهيئات التي تمثل الجمعية واختصاصات كل منها وتعيين الأعضاء الذين تتكون منهم وطرق عزلهم

هـ - حقوق الأعضاء وواجباتهم.

و - طرق المراقبة والمالية. 

ز - كيفية تعديل نظام الجمعية وكيفية إدماجها أو تقسيمها أو تكوين فروع لها.

ح - قواعد حل الجمعية والجهة التي تؤول إليها أموالها.

و ينص قانون الجمعيات في سوريا على ان يكون مجلس الإدارة هو الذي :

يدير الجمعية مجلس إدارة تنتخبه الهيئة العامة من بين أعضائها ويبين نظام الجمعية اختصاص المجلس ومدته وإجراءات انتخاب أعضائه وكيفية انتهاء عضويتهم.

 للجهة الإدارية المختصة أن تعين بقرار منها عضوا أو اكثر في مجلس إدارة الجمعية وتحدد صلاحياته و تعويضاته في قرار التعيين على أن يكون العضو المعين من موظفي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

للجهة الإدارية المختصة أن تحدد بقرار منها الحدين الأدنى والأعلى لعدد أعضاء مجلس الإدارة ، والمدة القصوى التي يجوز لعضو مجلس الإدارة تجديد عضويته خلالها.

يشترط في عضو مجلس الإدارة أن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية ويستثنى من ذلك جمعيات الطلبة في معاهد التعليم. وتبين اللائحة التنفيذية الشروط الأخرى التي يلزم توافرها في أعضاء مجلس إدارة بعض الجمعيات لرفع مستوى الإدارة فيها بحسب الغرض الذي أنشئت من أجله.

 يتولى مجلس الإدارة إدارة شؤون الجمعية وله في سبيل ذلك القيام بأي عمل من الأعمال عدا تلك التي ينص عليها نظام الجمعية على ضرورة موافقة الهيئة العامة عليها قبل إجرائها . ويكون انعقاد مجلس الإدارة مرة كل شهرين على الأقل للنظر في شؤون الجمعية .

 لمجلس الإدارة أن يعين مديرا من أعضائه أو من غير أعضائه يفوضه التصرف في أي شأن من الشؤون الداخلة في اختصاصه.

 يكون للمدير القيام بالأعمال التنفيذية الداخلية في الجمعية كاقتراح تعيين الموظفين وتوقيع الجزاءات التأديبية عليهم واعتماد أُذونات الصرف والإشراف على تنفيذ قرارات الهيئة العامة ومجلس الإدارة، ما لم يرد نص في نظام الجمعية بخلاف ذلك.

و يجوز حل الجمعية بناءا على :

  آ- يجوز بقرار مسبب من وزير الشؤون الاجتماعية والعمل حل الجمعية في إحدى الحالات التالية:

 - خروج الجمعية عن أهدافها المبينة في نظامها.

 إذا لم يجتمع مجلس إدارة الجمعية خلال ستة أشهر أو لم تجتمع هيئتها العامة خلال سنتين متتاليتين.

 - ممارسة الجمعية نشاطا طائفيا أو عنصريا أو سياسيا يمس بسلامة الدولة. 

- ممارسة الجمعية نشاطا يمس بالأخلاق والآداب العامة.

 - إذا كررت الجمعية المخالفات رغم إنذارها من الوزارة.

- عجز الجمعية عن تحقيق أغراضها والوفاء بتعهداتها أو تخصيص أموالهـا لإغراض غير التي أنشئت من أجلها .

 -  إذا رأت الوزارة عدم الحاجة لخدمات الجمعية . 

- إذا رأت الوزارة عدم الحاجة لخدمات الجمعية . 

ب - ولا يجوز حل الجمعيات في الحالات 1-2-5-6 إلا بعد إنذارها من الوزارة وانقضاء فترة الإنذار دون أن تستجيب الجمعية له على أن تقل فترة الإنذار عن خمسة عشر يوما .

ج - يعتبر قرار حل الجمعية قطعيا ولا يقبل أي طريق من طرق المراجعة .

 د - في جميع الحالات يجب أن يستند قرار الحل إلى تحقيقات رسمية تجريها الدوائر المختصة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل .

و يرى المهندس راسم الاتاسي و هو رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا التي تأسست في 10/2/2004 أن المنظمة العربية تعتبر نفسها مرخصة قانونيا بسبب أن وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل عندما قدمنا طلب الترخيص لم ترد على طلبنا ألا بعد مرور ستين يوما و هذا مخالف لقانون الجمعيات و بذلك نكون في عداد الجمعيات المرخصة نظاميا و تحمل الوزارة مسؤولية ذلك .

و يعاني معظم نشطاء حقوق الإنسان عن سوء أحوالهم التي يشكون من المضايقات الأمنية و من تكرار طلبات الأجهزة الأمنية و التحقيق معهم في كل شاردة و واردة, و هذا الوضع مماثل لباقي الدول العربية فلا يخفى على القارئ ان وضع منظمات حقوق الإنسان في العالم العربي متردية جدا و لا حوله لها و لا قوة .

و يوضح الأستاذ نضال درويش و هو عضو في مكتب الأمناء في لجان الدفاع عن الحريات العامة و حقوق الإنسان في سوريا إن من أهم العوائق التي تعرقل فعالية عمل حركة حقوق الإنسان في سورية ، ومساهمتها الفعالة في نشر قيم وثقافة حقوق الإنسان التي تشكل ركيزة لإمكانية التحول الديمقراطي في بلدنا ، هو قضية الترخيص والعمل وفق قوانين وأنظمة تتيح لها العمل بحرية ، فالمنظمات الحقوقية في سورية ، كلها غير مرخصة قانونا ، وتعمل وفق ما يسمى بسياسة الأمر الواقع وهذا ما يجعلها عرضة للمزاجية السياسية والأمنية ، وخصوصا في مناخ حالة الطوارئ والأحكام العرفية المعلنة في البلاد منذ عام 1963 ، وبالتالي مما يجعل أعضائها عرضة للاعتقال والملاحقة والتضييق .إذا  فالمنظمات الحقوقية أحوج ما تكون ، لكي  تقوم بمهامها المختلفة بفعالية عالية ، إلى مناخ سياسي وحاضنة قانونية تؤكد على حق المواطن وحريته في تشكيل المنظمات والجمعيات غير الحكومية ومنها المنظمات الحقوقية ، مما يضع حالة الطوارئ والأحكام العرفية ، وقانون الجمعيات المعمول به في سورية ، أمام السؤال ، حيث يشكلان بنية قانونية معيقة لحركة حقوق الإنسان وتطورها  في سوريا .

بينما يرى الدكتور عمار قربي و هو رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا ان وضع المنظمات هي عبارة عن تجمعات و أشكال جمعيات ينظر أليها بهذه الصورة من قبل الدولة و غير معترف بها نهائيا و غير مرخصة و غير تابعة أداريا لأي جهة و غالبا تعمل وفق سياسة غض النظر .

و عندما ينتسب أي عضو إلى أي منظمة من هذه المنظمات فهو يفكر اولا بحالة الاعتقال التي تراود جميع نشطاء حقوق الإنسان في سوريا و يلاحق امنيا و تشوه سمعته و يحاصر من كل الجهات و تعمل احيانا الجهات الامنية حتى محاصرته اجتماعيا من إطلاق إشاعات لا أساس لها من الصحة .

و نحن في المنظمة الوطنية قدمنا طلب ترخيص إلى وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل و رفض طلبنا دون ذكر الأسباب و قدمنا بطلب تضلم و ردوا طلب التظلم ايظا , أي اننا يجب علينا ان نعمل دون ترخيص و نحن قررنا في الوطنية ان نتقدم الى الترخيص دون ملل .

و يعلق الأستاذ عبد الكريم ريحاوي على هذا البحث إذ انه يقول انه لا تزال الحكومة السورية تعمد على أبعاد منظمات حقوق الإنسان في سوريا عن ممارسة مهامها بالشكل المطلوب .

فحتى ألان لم تقدم الجهات الإدارية المختصة بالترخيص إلى أي مؤسسة أو مركز يختص في مجال حقوق الإنسان في سوريا و ذلك على الرغم من كون قانون الجمعيات رقم 93 لعام 1958 و تعديلاته يتيح لجهة الإدارية أو تفرض سيطرتها على الجمعية المراد ترخيصها .

و بذلك نرى وضع منظمات حقوق الإنسان في سوريا أنها تعمل في سياسة غض النضر و لا تستطيع ان تمارس كامل واجباتها بسبب عدم الاعتراف بها , اذا إلى متى ستبقى

هذه المنظمات دون ترخيص و الى متى سيبقى نشطاء حقوق الإنسان في سوريا مهددين من قبل الاجهزه الأمنية و إلى متى ستبقى وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل ترفض طلبات الترخيص لمثل هذه المنظمات التي يكون هدفها هو العمل على رصد انتهاكات حقوق الإنسان و ليس عمل سياسي او عمل سري .

 

 

الصفحة الرئيسية