(رشح
الدكتور عارف دليلة نفسه إلى مجلس الشعب(الدور التشريعي السابع عام 1999)
كعضو مستقل عن مدنية دمشق، وقد شكل بيانه الانتخابي ورقة عمل متميزة تعكس
تصوراته عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المعاش في سورية. والبيان
جديرٌ بالقراءة للتعرف على رؤية الدكتور دليلة ومواقفه الوطنية)
الإصلاح التشريعي والاقتصادي والإداري المهمة الملحة لمجلس الشعب ومبرر
وجوده.
أخي
المواطن العربي السوري النبيل، أخي المواطن الدمشقي العريق:
كرم الله
ابن آدم بالعقل، وأوجب عليه العمل في سبيل الحق والخير. واعلم أنها مسؤولية
كبرى تفرض عليك، كمواطن مؤمن بالله والوطن، أن تحكم عقلك وضميرك في اختيار
ممثليك الذين يكونون صوتك المسموع وكلمتك الحرة في مجلس الشعب.
أخي
المواطن، أختي المواطنة: انطلاقاً من ثقتي بوعيك، أطرح بين يديك القضايا
العشر التالية التي تستوجب منا جميعاً ومن السلطة التشريعية بالدرجة الأولى
العمل على تحقيقها باعتبارها تحقق الغاية السامية، وهي منعة الوطن وكرامة
الشعب وعزة المواطن، مستغنياً بمخاطبة عقلك بهذا البيان عن نشر الصور
واللافتات ونحر الأضاحي، لأنني من أنصار نظافة البيئة ويصدمني التلويث البصري
الذي يضاعف التلوث البيئي لعاصمتنا الجميلة.
القضايا العشر:
1- إصلاح
النظام الانتخابي لمجلس الشعب وللإدارات المحلية بحيث يقنع أعلى نسبة من
المواطنين بممارسة دورهم الانتخابي بجدية ومسؤولية، واختيار ممثليهم على أساس
البرامج المعلنة والمواقف المختبرة والجدارة، وصولاً إلى النظام الانتخابي
الذي يسمح بتمثيل نسبي صادق لجميع الاتجاهات، ويتفتح وسائل الإعلام لإتاحة
فرص متساوية أمام جميع المرشحين للتفاعل مع الناخبين.
2-
الارتقاء بالوظيفة التشريعية( شبه المعطلة ) لمجلس الشعب والتي تشكل المبرر
الأساسي لوجوده ولتكبد الشعب تكاليفه المادية. إذ لا أحد ينكر مدى تخلف
وتقادم قوانيننا وانقطاع الصلة بينها وبين الواقع ومتطلبات التطور، مما يهون
على البعض تجاوزها أو تجاهلها وعلى نطاق واسع أو استخدامها أداة تعسف، ما
يفسد ويعقد العلاقات الاجتماعية ويعطل التحديث الإداري والتقدم الاقتصادي.
ولقد آن الأوان لإعادة قضايا الأمن العام والأمن الاقتصادي إلى القوانين
والمحاكم العادية، بعدما تأكد بالتجربة إنها الأكفأ والأجدى لصيانة النظام
الاجتماعي.
3- إنشاء
لجنة للشكاوي والمقترحات لدى مجلس الشعب مهمتها تلقي شكاوي ومطالب ومقترحات
المواطنين ووضعها أمام مجلس الشعب والسلطات الأخرى ومتابعتها حتى الوصول إلى
القرار الصائب. إن قيام هذه اللجنة بوظيفتها يوطد العلاقة بين الدولة
والمواطن على أساس من الثقة المتبادلة ويصوب جهود المسؤولين والمواطنين نحو
القيام بواجبهم بالشكل الأمثل ودون التجاوز على القانون والحقوق العامة
والخاصة، إلى أن يصبح القانون والعدل والصالح العام المرجعية التي تعلو فوق
أي مرجعية أخرى.
4- تفعيل
الوظيفة الرقابية لمجلس الشعب على أداء السلطة التنفيذية وأجهزتها المختلفة،
طبقاً لصلاحياته الدستورية، وتحويلها من رقابة روتينية وشكلية إلى رقابة
معيارية منتظمة وفاعلة، قائمة على المعطيات الدقيقة والدراسات العلمية.
5- إصلاح
التعليم في كافة مراحله بدءاًً من الارتقاء بأهلية المعلم والأستاذ الجامعي
مع توفير التكريم المادي والمعنوي الذي يمكنهما من التفرغ الكامل لهذه المهمة
الجليلة، وتطوير المناهج والوسائل التعليمية والبحثية، وتحرير المؤسسات
العلمية من أساليب العمل العقيمة المتقادمة التي تكبلها وتمنعها من مواكبة
التحديث الفكري والتطور العلمي تجاوزاً للتقليد إلى المبادرة والإبداع
والتأثير الإيجابي في الواقع المحيط، في عالم أصبح فيه إنتاج المعرفة يحتل
المكانة الأولى، وتوفير شروط البحث العلمي التي تبقي الباحثين في تواصل مع
أحدث المنجزات في اختصاصهم، وإشراك القطاع الخاص في مجهودات التعليم والتأهيل
والتدريب بإشراف الدولة، مما يحد من هجرة طاقاتنا العلمية إلى الخارج،
ويستقطب الطلبة العرب الراغبين باكتساب العلم في سورية.
6- توفيق
القوانين والأنظمة والممارسات مع نصوص الدستور وتوسيع صلاحية المحكمة
الدستورية لقبول النظر في أي دعوى من أي جهة كانت بخصوص أي مخالفة للدستور أو
تعطيل لمواده، والعمل على إلغاء وتعديل القوانين والقرارات التي تمنح
امتيازات أو استثناءات أو صلاحيات تحت أي اسم كان، وتؤدي إلى تعميق التفاوت
الاجتماعي وتتناقض مع مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون، وكذلك المواد
القانونية والممارسات الإجرائية التي تعطل حق المواطن بالتقاضي وحقه في
التعبير عن رأيه بحرية والدفاع عن حقوقه بكافة الوسائل المشروعة وغير ذلك من
حقوق المواطن المصانة في الدستور.
7- إصلاح
السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية والمصرفية بما يزيل جميع المعوقات
التي تكبل العمل الاقتصادي ويزج بجميع الطاقات المادية والبشرية المحلية
والمهاجرة في عملية التنمية استعداداً لمواجهة استحقاقات التعامل المفتوح
الواثق مع الاقتصاد العالمي، وتشجيع المواطنين على الصدق والعلانية في
التعامل مع الأجهزة والإدارات الحكومية، بما يقطع الطريق على الفساد الإداري
والنشوز المسلكي، الذي أصبح من أخطر الآفات المعيقة للتنمية والارتقاء
الحضاري.
إن
الإصلاح المالي والنقدي والمصرفي يعيد إلى الاقتصاد الوطني وخزينة الدولة
وعجلة الإنتاج الكثير من الموارد المهجّرة أو المضيّعة، ويعبئ طاقات كثيرة
كامنة أو معطلة، بما يساعد على الإنتاج والتصدير وزيادة الدخل القومي
والأجور، ويجب الكف عن تحميل مداخيل العمل التي لا تؤمن المستوى الضروري
للمعيشة الضرائب ومسؤولية تغطية التكاليف الاقتصادية والممارسات غير
العقلانية.
8- إصلاح
القطاع العام والقطاع الخاص واقتصاد السوق، في ظروفنا الواقعية ليس القطاع
العام عاماً ولا القطاع الخاص خاصاً، ولا السوق سوقاً حقيقية، بل هناك
الاستخدامات الخاصة الواسعة للقطاع العام والملكية الحكومية والمال العام،
وهناك جزء كبير من القطاع الخاص يعيش فقط من الامتيازات والاستثناءات
والاحتكارات غير الشرعية، وليس من الإنتاج الحقيقي والإبداع والتصدير، وأما
سوقنا المحلية فلا تعرف المنافسة الخلاقة، بل يسودها الاحتكار المنظم الذي
يضر بالمنتج والمستهلك ويتناقض مع العقلانية.
مطلوب
تشريعات وسياسات اقتصادية وإدارات جديدة تعيد للقطاع العام والقطاع الخاص
النمو على أساس من الشروط المتكافئة، وإحلال المعايير الاقتصادية محل
المعايير الذاتية في التعامل مع كل من القطاعين.
9-
الاستقواء بالعلم والعقلانية في الكشف عن مشكلاتنا ومواجهتها وفي إدارة جميع
شؤوننا بدلاً من الأساليب القديمة البعيدة عن روح العصر، وتوظيف منجزات ثورة
العلم والمعلوماتية والكفاءات العلمية السورية العاملة في الداخل أو الخارج
للوصول إلى آخر التطورات، ولاتخاذ القرارات والسياسات المثلى وتصحيح الأخطاء
ومنع الانحرافات بأقل التكاليف.
10- العمل
على تحقيق التضامن العربي الواسع والفعال على أساس من الالتزام بالدفاع عن
القضايا المصيرية المشتركة للأمة العربية، كالأمن القومي والتكامل الاقتصادي
العربي، ووقف جميع أشكال التطبيع مع إسرائيل دعماً لمطلب السلام العادل
والشامل الذي لا تفريط فيه بأي حق من حقوق الأمة العربية. والعمل على إزالة
الحدود الاقتصادية بين الدول العربية لتحرير رؤوس الأموال والسلع والبشر على
طول الوطن العربي وعرضه من أجل كسب المعركة ضد التخلف والتجزئة، والمشاركة
الفاعلة في الاقتصاد العالمي.
إن
أوضاعنا الفردية ليست نتاج حظوظنا وأعمالنا الخاصة فحسب، بل هي نتاج أوضاعنا
العامة أيضاً. وإن السلطة التشريعية تتحمل المسؤولية الأولى عن الإصلاح
الشامل لأوضاعنا العامة التي تحكم ظروف حياتنا وتحدد إمكاناتنا الراهنة وآفاق
الحياة أمام أجيالنا القادمة، وليس هناك وقت وموارد لنضيّع ونبدّد أكثر مما
أضعنا وبددنا حتى الآن. إننا نعيش في عالم لا يرحم الضعفاء والمستهترين. إنه
وقت الكلمة المسؤولة!
مرشح
دمشق
مستقل
– فئة ب
الدكتور عارف دليلة