كتبها ل د ح الأحد, 10 أكتوبر 2010 11:47

طباعة

التحالف السوري لمناهضة عقوبة الإعدام

يحي اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام

تحت شعار

معا من أجل إلغاء عقوبة الإعدام

إننا في التحالف السوري لمناهضة عقوبة الإعدام, نحيي يوم العاشر من تشرين الأول ,اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام والعمل على إلغائها, مؤكدين على موقفنا المبدئي والحقوقي ,بأننا مع إلغاء عقوبة الإعدام مهما كان نوع الجرم.إننا نرفض عقوبة الإعدام بصورة مبدئية، ونرى أن من واجب أية حكومة كانت الامتناع عن مصادرة الحق في الحياة، واللجوء إلى سبل أخرى لحفظ الأمن وسيادة القانون، خاصة وأن الحق في الحياة من الحقوق الأساسية للإنسان، حيث يحق لكل بني البشر أن يعيشوا حياتهم كاملة، ويمنع أي شخص من المساس بهذا الحق. إن المس بالحياة أو بالجسم ممنوع ويعتبر مخالفة جنائية وأذى مدني. وإن حكم الإعدام لا يحل المشاكل الأمنية ولا الإجرامية ولايردع المجرم ولايمنع الجريمة، وهو يمثل حالة هروب إلى الأمام في سعي الحكومات لحل مشكلة ما.

ومن منطلق واجب أية حكومة في حماية الحقوق والحريات الأساسية، وفي مقدمة ذلك الحق في الحياة، والحق في محاكمة عادلة، نرى أن الإعدام عقوبة قاسية، وهي العقوبة الفريدة التي لا يمكن التراجع عنها في حال تنفيذها، وأن الاتجاه الغالب لدى الكثير من المجتمعات الديمقراطية يميل نحو إلغاء هذه العقوبة، والاستعاضة عنها بعقوبة الحبس مدى الحياة وبدورنا نجزم إن تطبيق حكم الإعدام لن يحد من مستوى الجريمة على الإطلاق، ولو كان الأمر كذلك لتوقفت معدلات الجرائم في الولايات المتحدة، التي تطبق الإعدام في عدة ولايات من ولاياتها.

فإذا كانت الغاية من تطبيق العقوبة بشكل عام هي الحد من تكرار ممارسة الفعل الذي استحق هذه العقوبة، وتحقيق الرادع لعدم تكراره, إلا أنه من الواضح أن عقوبة الإعدام وبشكلها العام في تطبيقاتها المختلفة في الدول التي تقرها قوانينها لم تحقق هذه الغاية .إن عقوبة الإعدام لم تمثل أداة أو وسيلة رادعة لعدم تكرار الفعل الذي استوجب الحكم بعقوبة الإعدام.لقد بررت عقوبة الإعدام بشكل عام وعلى مر الزمن بالحد من تكرار ممارسة الفعل الذي استحق هذه العقوبة، وتحقيق الرادع لعدم تكراره. إلا أنه من الواضح من الدراسات الميدانية والأكاديمية أن عقوبة الإعدام وبشكلها العام في تطبيقاتها المختلفة في الدول التي تقرها قوانينها لم تفلح في تحقق هذه الغاية.

كذلك فإن التوسع في تطبيق عقوبة الإعدام لم يخفف من موجات الإجرام التي بدأت تنحو باتجاه أكثر خطورة نظرا للتقنيات الحديثة التي أيضا أتاحت الفرص لارتكاب جرائم منظمة عابرة للحدود كالاتجار في البشر والمخدرات واتساع رقعة الإرهاب.

ومازالت تمارس هذه العقوبة في سورية, استنادا الى العديد من مواد القوانين السورية التي ورد فيها حكم الإعدام:

- القانون 49الصادر عام1980 والذي يحكم بالإعدام لكل منتسب لتنظيم الاخوان المسلمين

- المواد 263-535 من قانون العقوبات

- المواد102/103/112/132/137/144/146/152/153/154/155/156/158/159/160 من قانون العقوبات العسكري

- قانون حماية الثورة رقم 6.

ونشير هنا إلى أن العديد من دول أوروبا وأمريكا قطعت شوطاً كبيراً لمناهضة عقوبة الإعدام وصدرت عدة وثائق تضمن ذلك وتحث عليه مثل (الفقرة 2 من المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري الثاني الملحق به، والذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، والبروتوكول رقم (6) للاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والفقرتان 2 و3 من المادة (4) من بروتوكول إلغاء عقوبة الإعدام الملحق بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، وقراري لجنة حقوق الإنسان 1998/8 و1999/61 اللذين تعرب فيهما اللجنة عن اقتناعها بأن إلغاء عقوبة الإعدام يساهم في تعزيز كرامة الإنسان وفي التطوير التدريجي لحقوق الإنسان، الفقرة 5 من المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، الفقرة (أ) من المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل ، الفقرة 5 من المادة 77 مـن البروتوكول الأول ، الفقرة (4) من المادة 6 من البروتوكول الثاني الإضافي لاتفاقيات جنيف ، القرار رقم 1984/50 ، البروتوكول 13 المرتبط بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية,وجاء بالأساس لسد الثغرة التي تركها البروتوكول رقم 6 الذي حظر تطبيق عقوبة الإعدام إلا في حالة بعض الأفعال المرتكبة في وقت الحرب).

إننا في التحالف السوري لمناهضة عقوبة الإعدام نعتقد بان تطبيق القانون وبدون تمييز أو استثناء وعلى الجميع هو الضمانة الوحيدة الكفيلة بالحد من الجريمة. وهكذا فعقوبة الإعدام بحد ذاتها لم تكن ولن تكون الوسيلة والإدارة الرادعة لعدم تكرار الفعل الذي استوجب تطبيقها. وعليه ولبشاعة هذه العقوبة ومجافاتها للحس والعقل الإنساني ولعدم إمكانية تحقيق العدالة المطلقة وتجنباً للوقوع في الخطأ في حال تطبيقها, فما زلنا نرى أنه المطلوب العمل وبكل جدية على ضرورة إلغائها وبشكل نهائي من جميع تشريعاتنا من أجل تحقيق العدالة. أما الطروحات بخصوص الإلغاء التدريجي لعقوبة الإعدام، حيث أنه يمكن الإبقاء على عقوبة الإعدام في أضيق الحدود وخاصة في جرائم القتل العمد وذلك مراعاة للرأي العام والمزاج الجماهيري. فهذه الخطوة وإن عدت خطوة للإمام إلا أنها تحمل تناقض في مضمونها، فهي من جانب تمثل محاولة ودعوى لإلغاء عقوبة الإعدام ومن جانب آخر تشير إلى أن هناك حالة ما تستحق عقوبة الإعدام. وهنا فالمضمون الذي من أجله جاءت الدعوة لإلغاء عقوبة الإعدام قد تم شطبه ولا يصح فيما بعد إعادة طرحه كمضمون ودليل من أجل إلغاء عقوبة الإعدام. وهذا يضعف هكذا طروحات ويجعلها تنطوي على تناقض واضح، ويضعف أيضاً من تكوين رأي عام مناهض لعقوبة الإعدام.وما دام هناك فرصة لإمكانية التأثير في عملية إلغاء عقوبة الإعدام في الوقت الراهن فيجب حشد كل الطاقات من أجل تحقيق هذه الغاية والتي هي إلغاء عقوبة الإعدام التي يتعارض وجودها في قوانيننا مع واقع تطورنا وحاضرنا ومستقبلنا الإنساني والاجتماعي.ولابد لنا من الإشارة هنا وبهذه المناسبة,إلى الحالة الشاذة والمتعلقة بالإشكالية القانونية بين التشريعات والقوانين الوطنية التي تقر عقوبة الإعدام وبين القوانين والمعاهدات الدولية بالنسبة للحكومة السورية الموقعة والمصادقة على هذه المعاهدات والتي يجب أن تكون تشريعاتها منسجمة ومتفقة معها.

و انطلاقا من الموقف المبدئي والحقوقي المناهض لعقوبة الإعدام كعقوبة قاسية، ولا إنسانية ,وتناقض جوهر ما تنص عليه الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والبروتوكولات الملحقة بها، من كون الحق في الحياة حق مقدس .فإننا نقترح العمل على:

1- الانضمام والتصديق على البروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام .

2- أن تتكامل جهود القوى المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، مع مختلف الجهود الإنسانية في العالم من أجل إلغاء عقوبة الإعدام من المنظومات القانونية الجنائية لجميع دول العالم.

3- أن يعتبر اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام محطة لتذكير حكومات العالم بأن عقوبة الإعدام والحكم بها تشكل ذروة انتهاكات حقوق الإنسان لعدم احترامها للحق في الحياة والذي بدونه يفقد الإنسان جميع حقوقه.

4- ونناشد جميع النخبة الحقوقية والكتاب والصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان بإقامة الندوات والمحاضرات والورش لنشر الوعي بخطورة عقوبة الإعدام وضرورة إلغائها نهائيا من جميع التشريعات السورية. تحت شعار"لا لعقوبة الإعدام" كخيار استراتيجي نظرا للقسوة الشديدة التي تتسم بها هذه العقوبة ولقناعتنا بأن الخطأ يجب أن لا يقابل بخطأ أكثر ضراوة وخطورة على الأفراد بل يتعين على الدولة إرساء أسس متينة لتوجيههم بصورة بناءة نحو مجتمع يكافح ضد الفساد والجريمة.

5- نناشد الحكومة السورية من أجل اتخاذ الخطوات الضرورية لمعالجة النقص الكبير في التحليل العلمي للأسباب العميقة للجريمة بشكل عام ووضع الحلول الجذرية، المبنية على إلغاء عقوبة الإعدام، للظواهر الإجرامية تحت جميع مسمياتها. إننا نعيش مرحلة تاريخية تشهد كل يوم تطوّرا للتيار العالمي الداعي إلى إلغاء عقوبة الإعدام، وهو تيار يستند إلى المواثيق الدولية والى ما جاء بالخصوص في الفصل الثالث من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والفصل السادس من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بهذا العهد والخاص بإلغاء عقوبة الإعدام.

6- ونناشد الحقوقيين والمنظمات الحقوقية السورية إلى حشد الجهود من أجل إلغاء جميع القوانين الاستثنائية وخصوصا القانون 49 ,وإلغاء كل فصول القوانين التي تنص على عقوبة الإعدام لأي سبب كان والتي يتعارض وجودها مع حاضرنا ومستقبلنا الإنساني والإجتماعى. إن أحد متطلبات احترام حقوق الإنسان يكمن في إلغاء عقوبة الإعدام ولا يمكن الادعاء باحترام حقوق الإنسان,مع المحافظة فى نفس الوقت على تلك العقوبة التي تتعارض مع إنسانية الإنسان وحتى مع وجوده.

7- إن الحكومة السورية مطالبة باتخاذ قرار الغاء هذه العقوبة القاسية من المنظومة الجنائية الوطنية وبالتصديق على البرتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الخاص بالحقوق المدنية و السياسية المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، وكذا بالتصديق على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية،وإلغاء كافة القوانين الاستثنائية وخاصة القانون 49 لعام 1980 . وبملاءمة التشريع السوري مع كل المواثيق و المعاهدات الدولية ذات الصلة، و باعتماد سياسة جنائية عادلة مرتكزة على ضمان حقوق السجناء في الحياة و الكرامة الإنسانية و التأهيل و إعادة الإدماج، في ظل قضاء مستقل و نزيه. من أجل تعزيز سيادة القانون، نعتقد أن على السلطة البدء في تحقيق ذلك في مؤسساتها وبخاصة أجهزتها الأمنية، علما أن الكثير من الخروقات القانونية يتورط بها عناصر من الأجهزة الأمنية المختلفة، التي أضحى أفرادها بحاجة ماسة، أكثر من أي وقت مضى، لإعادة تأهيل. وأن هناك حاجة ماسة لتعديل القوانين التي تنظم عمل هذه الأجهزة وبخاصة تعليمات إطلاق النار.

إن التمسك بإلغاء عقوبة الإعدام كخيار استراتيجي، وعلى أن يتم ذلك بأسلوب منهجي وتدريجي إلى أن يتم تقليص عدد الجرائم إلى الحد الأدنى وأن تتوافر الشروط التالية:

أ‌- منع التعذيب أثناء التحقيق وخصوصا القضايا التي تعاقب بعقوبة الإعدام, ورفض الاعترافات الناتجة عن التعذيب في إقامة المسؤولية الجنائية.وضمان إجراء المحاكمة العادلة طبقا لما تتطلبه المعايير الدولية.مع حيادية و استقلال القضاء.

ب‌- إلغاء المحاكم الاستثنائية وقوانين الطوارئ، وعدم إخضاع المدنيين للمحاكم العسكرية.

و بهذه المناسبة، نشير إلى القلق الشديد إزاء الأوضاع القاسية و اللاإنسانية، المادية وخاصة النفسية منها ، للمحكومين بعقوبة الإعدام،ونطالب بتحسين ظروف إقامتهم بدهاليز الموت داخل السجون و بتمتعهم بكافة الحقوق التي يجب أن يتمتع بها باقي السجناء، و ذلك في انتظار تخليصهم من كابوس الموت الذي يطاردهم كل يوم.

دمشق 10/10/2010 التحالف السوري لمناهضة عقوبة الاعدام