كتبها Administrator الجمعة, 05 أغسطس 2022 05:06
نداء حقوقي مشترك
من اجل مواجهة خطاب وثقافة الكراهية والتمييز والاقصاء ومن اجل سيادة قيم وثقافة المواطنة والتسامح
لا يوجد تعريف قانوني دقيق لخطاب الكراهية، الا انه على العموم يعرف بانه: نماذج مختلفة من التعبير العام التي تنشر الكراهية أو التمييز أو العداوة أو تحرض عليها أو تروج لها أو تبررها ضد شخص أو مجموعة، بناء على الدين أو الأصل العرقي أو الجنسية أو اللون أو النسب أو الجنس أو أي تحديد لهوية الآخر، ويستخدم خطاب الكراهية؛ من اجل تحقيق مكاسب سياسية في الحياة العامة بوساطة نشر خطاب معاد موجه ضد المكونات الدينية اوالعرقية اوالمهاجرين اواللاجئين اوالنساء او ما يسمى الآخر.
إن خطاب الكراهية يساهم بإضعاف المجتمعات وتدميرها، ويزرع بذور الخوف والكراهية وانعدام الثقة في نفوس أفرادها، ويمكن أن يؤدي إلى أعمال عنف وربما يساعد في تهيئة الظروف لارتكاب جرائم إبادة جماعية، ويمكن لبعض الخطابات أن تنشر بذور التعصب والغضب مما يضفي الشرعية على أعمال الكراهية.
خطاب الكراهية يغزو جميع أنحاء العالم، معتمدا على لغة الاستبعاد والتهميش التي سيطرت على وسائط الإعلام والمنصات الإلكترونية والسياسات الوطنية، وتواجه المجتمعات في العالم مستويات معقدة ومختلفة من التعصب.
ان التحريض على العنف يستند على عدد من العناصر، وهي: بيئة تفضي إلى العنف، ومتحدث مؤثر، وخطاب ينتشر على نطاق واسع، وجمهور متقبل ومتجاوب، وفئة مستهدفة وعادة ما تكون المجموعات المهمشة، وأن كل أعمال التحريض على التمييز أو العداوة أو العنف هي خطاب يحرض على الكراهية.
بالرغم من ان حرية التعبير ليست مطلقة وفقا للمعايير الدولية لحقوق الانسان، وتخضع لقيود مشروعة ولبعض ولشروط محددة، وما بين المباح والمحظور الموسوم بالكراهية، ويتم تقييد حرية التعبير بأسباب مقنعة.
حيث ان حرية التعبير محمية بموجب القانون الدولي، ومنصوص عليها في المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومع ذلك، هنالك بعض القيود عليها، مثل: الخطاب الذي يدعو إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية وما يشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف، ومن هنا يجب على الحكومات أن تضع نطاقات قانونية سليمة بشأن خطاب الكراهية لمساءلة مرتكبيه، واحترام الكرامة الإنسانية، وحماية الجماعات المهمشة، وتحقيق التوازن بين حرية التعبير وخطاب الكراهية.
أن خطاب الكراهية يتطلب استجابة منسقة من القيادات الحقوقية والمدنية وصانعي السياسات والإعلاميين وعامة الناس، بدءا من معالجة الدوافع الرئيسة لخطاب الكراهية، وانتهاء بتقديم استجابة منسقة من قبل سلطات الدولة تدعم الحقوق الأساسية وتضم جهود جميع المجتمعات والأفراد.
ان القيادات الحقوقية والمدنية عامل رئيسي هام في الحرب ضد خطاب الكراهية الذي يقوض قيم التنوع الديني والقومي والتعددية، وكذلك الوقوف في وجه مظاهر إساءة استخدام الدين لتبرير الأعمال العدائية والتحريض على العنف.
وإننا اذ نؤكد على ضرورة مواجهة خطاب الكراهية وثقافة التمييز، فإننا نؤكد على أهمية التسامح وقيمه فإننا ندعو للإعمال بالمبادئ الجميلة في ميثاق الأمم المتحدة الذي اجتمعت عليه شعوب الأرض:
ففي ديباجة الميثاق ورد: نحن شعوب الأمم المتحدة، وقد آلينا في أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب... وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره... وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا أن نأخذ أنفسنا بالتسامح وأن نعيش معا في سلام وحسن جوار.
وكذلك ورد: "من المحتم أن يقوم السلم على أساس من التضامن الفكري والمعنوي بين بني البشر".
وفي المادة 26 ورد: "أن التربية يجب أن تهدف إلى تنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية".
ومن هنا نؤكد على اهمية للالتفاف حول مبادئ التسامح التي وردت في إعلان مبادئ بشأن اليونسكو الذي اعتمده المؤتمر العام لليونسكو في دورته الثامنة والعشرين، خاصة المبادئ التالية:
إن التسامح يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية لدينا. ويتعزز هذا التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد (المادة 1-1).
إن التسامح مسؤولية تشكل عماد حقوق الإنسان والتعددية (بما في ذلك التعددية الثقافية) والديمقراطية وحكم القانون (المادة 1-3).
إن التسامح على مستوي الدولة يقتضي ضمان العدل وعدم التحيز في التشريعات وفي إنفاذ القوانين والإجراءات القضائية والإدارية. وهو يقتضي أيضا إتاحة الفرص الاقتصادية والاجتماعية لكل شخص دون أي تمييز. فكل استبعاد أو تهميش إنما يؤدي إلى الإحباط والعدوانية والتعصب (المادة 2-1).
ان الالتزام والنشاط الدائمين لصالح تعزيز ونشر قيم التسامح والتعليم في مجال التسامح، أدى الى الاعلان رسميا يوم السادس عشر من شهر تشرين الثاني من كل سنة يوما عالميا للتسامح، والى الاحتفال به وذلك من خلال القيام بأنشطة تؤكد أهمية التسامح بين البشر. كما صدرت وثيقة أخرى عن مؤتمر القمة العالمي لعام 2005 بالتزام الأعضاء والحكومات العمل على النهوض برفاهية الإنسان وحريته وتقدمه في كل مكان بتشجيع والحوار والتعاون بين مختلف الثقافات والحضارات والشعوب باعتبار هذا اليوم من الأيام الإنسانية العالمية لحقوق الإنسان.
اننا نعتقد بضرورة وأهمية سيادة ثقافة التسامح، في وطننا الحبيب سورية، كحق إنساني وضمانة أساسية تسمح بإشاعة المناخات الضرورية من أجل ممارسة كافة حقوق الانسان الأخرى، حيث أنه في جوهر ثقافة التسامح تكمن مجموعة من القيم تعتمد في جوهرها على جميع الممارسات وأنماط السلوك التي تؤسس لعلاقات المواطنة والتسامح واللاعنف ضمن البلد الواحد، وتؤسس لعلاقات متوازنة وسلمية يسودها الاحترام المتبادل، بين البلدان والشعوب.
ونتيجة الحالة الكارثية التي عاشتها كل سورية, بمختلف مكوناتها, فقد كانت الشبكة الوطنية السورية للسلم الأهلي والأمان المجتمعي, والمنبر السوري للمنظمات غير الحكومية, وشبكة الدفاع عن المرأة في سورية , والهيئات المدافعة عن حقوق المرأة في سورية, والتحالف السوري لمناهضة عقوبة الإعدام, والتحالف النسوي السوري لتفيل قرار مجلس الامن رقم1325 في سورية , والفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الانسان, والمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية, ومازالت, تدين وتستنكر بشدة جميع الانتهاكات التي ارتكبت بحق المواطنين السوريين أيا كانت الجهة التي ارتكبت هذه الانتهاكات, وبسبب ما آلت إليه الأحداث ودمويتها وتدميرها, فقد سادت لدى السوريين جميعا, مشاعر الإحباط واليأس, في ظل سيادة ثقافة الكراهية والعنف والعنصرية والاحتقان الذي تفجر دما وتدميرا، وفقدان الأمل بالمستقبل ,فقد ساهمت الاحداث بالكشف عن حقيقة وطبيعة الاعاقات لكل قيم حقوق الانسان وحرياته, وكذلك عن حجم الصعوبات التي تعترض طرق البحث عن الحلول الاستراتيجية الملائمة والتي تنطوي على ضرورة ايجاد السبيل من اجل بناء وصيانة مستقبل امن وديمقراطي للسوريين جميعا.
وبدا واضحا لدى مجتمعنا المعيقات البنيوية لثقافة التسامح والسلام والحوار والحق بالاختلاف والتنوع بالمعنى الواسع للكلمة، وما جعل التحديات الحاضرة والمستقبلية أمامنا كسوريين أكثر مأزقيه وإشكالية ومحفوفة بالمخاطر.
لكننا مازلنا مؤمنين بضرورة وأهمية سيادة ثقافة المواطنة والتسامح لمواجهة خطاب وثقافة الكراهية والتمييز والاقصاء، في وطننا الحبيب سورية، كحق إنساني وضمانة أساسية تسمح بإشاعة المناخات الضرورية من أجل ممارسة كافة حقوق الانسان الأخرى، حيث أنه في جوهر ثقافة المواطنة والتسامح تكمن مجموعة من القيم تعتمد في جوهرها على جميع الممارسات وأنماط السلوك التي تؤسس لعلاقات المواطنة والتسامح واللاعنف ضمن البلد الواحد، وتؤسس لعلاقات متوازنة وسلمية يسودها الاحترام المتبادل، بين البلدان والشعوب.
وأننا نؤكد على ان السلطات الحكومية تتحمل المسؤولية الرئيسة عن منع خطاب الكراهية والتحريض عليه، وحماية أفراد المجتمع من جرائم الكراهية، ومن واجب الجميع العمل على مكافحة خطاب الكراهية الذي يساعد على ارتكاب أعمال عنف وتشجيعها، ولمكافحة خطاب الكراهية والتحريض عليه ولنشر وتعزيز قيم وثقافة التسامح، فإننا ندعو الى:
1. الى ضرورة واهمية وجود مجتمع مدني يتسم بالقوة والحيوية وذلك عن طريق تأسيس الهيئات والمنتديات، والجمعيات التطوعية، والخيرية كشكل أساسي للديمقراطية والحريات للجميع تحت سقف القانون
2. ان تعمل القيادات الحقوقية والمدنية ومنظمات المجتمع المدني والأهلي، كآليات للإنذار والاستجابة، واليات تحذير وتنبيه لأجهزة الدولة حول تصاعد التوترات، والتكاتف من اجل التصدي لخطاب الكراهية.
3. الحظر قانونيا على أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية، والتشريع على ان نشر الأفكار القائمة على الكراهية والتحريض على التمييز والعنف وكل مساعدة لهذه الانشطة او تمويلها، يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، ولا يفرج عن مرتكبها بكفالة ولا تسقط بالتقادم وتعاقب بالسجن بموجب أحكام القانون.
4. دعم الخطط والمشاريع التي تهدف الى محاربة ثقافة وخطاب الكراهية في سورية والتكثيف من مشاريع وورشات التدريب المحلية والوطنية بشأن مخاطر التمييز والتعصب، وتشكيل لجان على الصعيدين الوطني والمحلي لرصد خطاب الكراهية وأشكال التحريض على العنف الأخرى.
5. إغراق فضاء وسائط التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية بالرسائل الإيجابية الداعية إلى السلام والتسامح، والإبلاغ عن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر الشائعات أو المعلومات الخاطئة.
6. تدريب القادة السياسيين السورين على ثقافة وقيم التسامح وممارستها ومساعدتهم في إدراج مفاهيم التسامح وإلغاء التمييز بكافة الوانه في سورية المستقبل على أساس الوحدة الوطنية وعدم التمييز بين السوريين، وبالتالي ضمان حقوق جميع المكونات وإلغاء كافة السياسات التميزية بحقها وإزالة أثارها ونتائجها وضمان مشاركتها السياسية بشكل متساو.
7. الالتزام في البرامج التعليمية في المدارس السورية بالإبلاغ عن حوادث خطابات التميز والعنصرية والكراهية.
8. التحريم قانونيا من الاستخدام لعبارات الإهانة، أو الألقاب، في المدارس والمعاهد والجامعات، التي تستهدف مواطنين سوريين.
9. الكف عن استخدام التعبيرات التي تنشر في الاعلام على سبيل الدعابة أو السخرية والتي قد يعتبرها البعض تهديدا أو هجوما، مثال: النكات أو الأعمال الكوميدية القصيرة أو كلمات الأغاني الشعبية، وما إلى ذلك.
10. حظر كل تشهير او إهانة في الصحافة السورية وقنوات الاتصالات العامة والخاصة، أو تحريض على التمييز أو الكراهية أو العنف ضد شخصٍ أو جماعة ما بسبب مكان المنشأ أو العرق أو الجنسية أو الدين الخاص أو الجنس أو التوجه الجنسي أو العجز الجسدي او الإعاقة.
11. منع استخدام وإطلاق خطابات التمييز والعنصرية والكراهية، على بعض الآراء والتصريحات السياسية والانتخابية لإسكات الآراء غير الملائمة أو الحرجة ولقمع النقاشات.
12. احترام حرية التعبير في كل الأراضي السورية، ولكن يعاقب أي شخص يقوم بانتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي يعترف بها المجتمع الدولي على أساس اختلاف العرق، الدين، اللغة، المعتقد السياسي أو أي معتقد آخر، أو على أساس الثروة، أو الولادة أو مستوى التعليم أو المركز الاجتماعي أو الممتلكات المادية أو الجنس أو لون البشرة أو القومية أو الانتماء العرقي.
13. تنقية المناهج التعليمية والبرامج الإعلامية من الصور النمطية للمرأة، وتشجيع وتقديم الدعم لإعطاء صورة أكثر حضارية للمرأة كونها مواطنة فاعلة ومشاركة في صياغة مستقبل البلاد بلورة سياسات سورية جديدة و إلزام كل الأطراف في العمل للقضاء على كل أشكال التمييز بحق المرأة من خلال برنامج للمساندة والتوعية وتعبئة المواطنين وتمكين الأسر الفقيرة ,وبما يكفل للجميع السكن والعيش اللائق والحياة بحرية وأمان وكرامة, والبداية لن تكون إلا باتخاذ خطوة جادة باتجاه وقف العنف وتفعيل الحلول السياسية السلمية في سورية ،من اجل مستقبل امن وديمقراطي.
14. ولآن القضية الكردية في سوريا هي قضية وطنية وديمقراطية وبامتياز، ينبغي دعم الجهود الرامية من أجل إيجاد حل ديمقراطي وعادل على أساس الاعتراف الدستوري بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي، ورفع الظلم عن كاهله وإلغاء كافة السياسات التمييزية ونتائجها والتعويض على المتضررين عنها ضمن إطار وحدة سوريا أرضا وشعبا، وهذا يسري على جميع المكونات الأخرى وما عانته من سياسيات تمييزية بدرجات مختلفة.
15. قيام المنظمات والهيئات المعنية بالدفاع عن قيم المواطنة وحقوق الإنسان في سورية، باجتراح السبل الآمنة وابتداع الطرق السليمة التي تساهم بنشر وتثبيت قيم المواطنة والتسامح بين السوريين على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم، على أن تكون بمثابة الضمانات الحقيقية لصيانة وحدة المجتمع السوري وضمان مستقبل ديمقراطي آمن لجميع أبنائه بالتساوي دون أي استثناء.
دمشق في تاريخ 4\8\2022
المنظمات والهيئات المعنية في الدفاع عن حقوق الانسان في سورية، الموقعة:
الهيئة الادارية للفيدرالية السورية لحقوق الانسان