كتبها ل د ح الاثنين, 27 سبتمبر 2010 19:12

طباعة

جريدة النور الصادرة عن الحزب الشيوعي السورية : تتكلم عن مهزلة مكافحة الفساد

النور 452 ( 22\9\2010)

اطلعت على معلومات، من مصادر مختلفة، تؤكد بما لا يقبل الشك، أنّ مواطن الفساد الحقيقية هي في بعض منازل هؤلاء المعنيين بمكافحته، يعني أنّها قائمة عند بعض من نستغيث بهم عليه، نستغيث، وكلنا ثقة، في أنهم سيتبنون معالجة ما نضعه أمامهم من تجاوزات، تمس أمن الوطن وسلامته، وتنال من حقوق أبنائه ومن ضرورات عيشهم، وأنا هنا لا أبالغ أبداً حين أقول  (أمن الوطن..) فقضايا الوطن هي حقاً متشابكة كلها ومترابطة فيما بينها، وهي شديدة التأثير والتأثر فيما بينها، وأيّ نخر في جانب من الجسد لا بد أن يؤثر، حين استمراره، وتفاقمه، على سلامة الروح، وعندئذ تقع الواقعة فوق الرؤوس جميعاً.. ولن ينجو بعدئذ أحد، حتى هؤلاء الذين أظنهم اليوم، بأعمالهم هذه، إنّما يفكرون بخلاصهم الفردي.

وعلى ذلك، فهو، أي الفساد الكبير، وأؤكد الكبير لا الصغير، مقيم ومستمر في تفاقمه واستفحاله وفي نخره الرهيب أيضاً.. لم ينتبني يأس أو قنوط، ولم أقل بيني وبين نفسي ما نفع الكتابة؟ أو ما جدوى هذه الزاوية وتسميتها؟ لا لم يعترني أي ونى، فما زلت على يقين من أنّ القاعدة التي تقول إنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح، وأن هؤلاء الفاسدين الأشرار جميعهم على مزبلة تاريخ هذا الوطن الجميل.. وهذا الوطن الذي لا يرى بعضهم فيه إلا وسيلة لنهب جلّ خيراته وسرقة جيوب أبنائه.. سيبقى كبيراً ونظيفاً وطاهراً بجهود أبنائه البررة الأكثر عدداً وأعمق عملاً وتأثيراً.
أما الذي أحزنني بعد اطلاعي على تلك المعلومات، فهو أنني أعرف بعض هؤلاء بحكم المدينة الواحدة التي نعيش فيها، والمناسبات الكثيرة التي جمعتنا.. ويسوؤني حقاً، عندما أقرأ ما أقرأ، أنني صافحت هؤلاء يوماً أو ابتسمت لهم في بعض المناسبات.. وأسأل نفسي اليوم
لماذا تراهم قد فعلوا ما فعلوا..؟! ما دوافعهم إلى الانحراف الكريه هذا؟! هل هي الأموال فقط، وما تحدثه في النفوس من خراب؟ هل هو سبيل الخلاص الفردي كما أسلفت؟ ثم ما مصداقية الثقة التي مُنحوها لدى تكليفهم إدارة شؤون مراكزهم ذات الأهمية الخاصة؟! أهو ترسيخ نهج جديد أن يكون للمسؤول الحكومي قصور ومزارع وحسابات في المصارف الأجنبية ضماناً لعيش لائق إذا ما حطت به الأيام وتنكرت له الأقدار؟! أتراهم حقاً ملزمين بدفع مبالغ محددة لأناس أعلى منهم سلطة ومنزلة؟! متوالية من الأسئلة لا تنتهي، ولا تنهي معها هواجس النفس ورغبتها في كشف الغامض من الأمور..؟!
وأخيراً لا بد أنّ هاجساً ما أخذ يأكل في نفسك عزيزي القارئ لمعرفة تفاصيل ما اطلعت عليه التي جعلت من حالي أحوالاً وأحالتني إلى شبه أهبل..! 
إي بسيطة.. بسيطة جداً، لا تلح في الطلب..! هي في الحقيقة جنحة في معجم الجرائم لا أكثر..! بيد أننا، معشر السذج، الذين لم يروا شيئاً من دنياهم.. فغشيت عيونهم حينما رأوا ما رأوا من أمور جديدة عليهم.. فراحوا يهولون الأمور الصغيرة العادية، أو يصنعون من الحبة بيدراً كما يقال..!
المشكلة غاية في البساطة، وهي أن بعض الجمعيات السكنية تجاوزت واحداً من القوانين الناظمة لشؤونها واشترت أرضاً خارج حدود المخطط التنظيمي، وجرى التستر على هذا الأمر.. وسجلت الأرض في دفاتر الجمعية بضعف ثمنها، وأخذ كلّ من له دور في العملية نصيبه المستحق من الغنيمة، وللمثال فقد بلغت حصة أحد المسؤولين خمسين مليوناً، وهي في الأصل خمسون دفتر اكتتاب في الجمعية المذكورة، وقد ربح كل دفتر في الحال ربحاً حلالاً صافياً مقداره مليون ليرة سورية في حين حصل المسؤول الأعلى على ثلاثة ملايين فقط، أي ربح ثلاثة دفاتر فقط.. ويا حرام ما أقل حظه! وكذلك، بالطبع، فقد نال (الحوّيصة) مبالغ لا تزيد على ثلاث مئة أو خمس مئة ألف ليرة سورية في أحسن حال، إذ لم تربح دفاترهم أكثر من ذلك، وكله بحسب السوق طبعاً. وأخيراً استروا يا من قرأتم هذه الأخبار غير المفيدة، لأن موضوع الكبار قد لفلف نزولاً عند الضرورة الموضوعية القاضية بالتآلف والتضامن رغبة في البقاء والاستمرار..! أما هؤلاء الصغار الأنذال، فلينالوا جزاءهم العادل بسبب ما اقترفت أيديهم..! فقد أحيلت قضيتهم إلى القضاء فعلاً، ولم يبق إلا أن ندعو لكم، قراءنا الأعزاء، بطول البقاء، دراويش مثلنا، لا مثل هؤلاء لتظل رايات السلام مرفرفة في أعالي دياركم العامرة بالفقر وراحة البال.. والسلام لنا، بعد هذا، وعليكم جميعاً.