كتبها ل د ح السبت, 25 سبتمبر 2010 19:48

طباعة

حول اعتقال آشوريين في سورية: الوحدة الوطنية لا تبنى بالزجر وانما بالاعتراف بالتعددية

في إطار حملة السلطات السورية على الإعلام والرموز الآشورية والتضييق على نشاطات الآشوريين،اعتقل الأمن السياسي في مدينة القامشلي، بتاريخ 19 من شهر ايلول الجاري كل من : ناهير حنا و كبرئيل(كابي) يوسف..يذكر أن كبرئيل هو من الآشوريين السوريين المحرومين من الجنسية السورية بموجب الإحصاء الاستثنائي الذي جرى لأبناء محافظة الحسكة عام 1962 ... 
وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها، تم اعتقال (كبرئيل يوسف) على خلفية رفعه "العلم الآشوري" في حفل فتي أقامه المطرب (ايوان آغاسي) في مدينة القامشلي ... وعند التحقيق معه أقر كبرئيل بأنه اشترى العلم من مطبعة (نادين). وعلى أثر هذا الاعتراف قامت دورية من (الأمن السياسي) بمداهمة المطبعة واعتقال ناهير حنا الذي يعمل فيها، ومصادرة أعلام وملصقات آشورية كانت موجودة داخل المطبعة.. وهما الآن موقوفين في السجن المدني بمدينة القامشلي بتهمة (إثارة النعرات الطائفية) بحسب المادة (307) من قانون العقوبات السوري. وقد أحيلت قضيتهم الى (النيابة العسكرية) بحلب للبت فيها ...
كما هو معروف، أن تهم (إثارة النعرات الطائفية) و(النيل من هيبة الدولة) و(اضعاف الشعور القومي) هي تهم سياسية، جاهزة لالصاقها بأي مواطن أو ناشط سوري يظهر موقفاً أو نشاطاً لا ترضى عنه السلطات السورية...ففي السنوات الأخيرة تم اعتقال العشرات من السياسيين ونشطاء حقوقيين والمجتمع المدني في سوريا وحكموا سنوات لاتهامهم بواحدة أو أكثر من هذه التهم السياسية،من غير أن يرتكبوا أي جرم مادي.المتتبع للشأن السياسي السوري يدرك جيداً بأن القضاء في سوريا ليس بقضاء مستقل، خاصة في القضايا المتعلقة بالنشاطات السياسية والفكرية المحظورة..ففي مثل هذه القضايا يمتثل القضاء لأوامر السلطات السياسية...
لقد ترك اعتقال هؤلاء استياءً شديداً في الشارع الآشوري(السرياني/الكلداني) المتحسس جداً من الضغوطات الأمنية والاعتقالات السياسية.والذي زاد من استياء الآشوريين السوريين،كون الشابين المعتقلين لا خلفيات أو ارتباطات سياسية أو حزبية لهما.فضلاً عن أن هذا الاعتقال الغير مبرر خيب آمال الآشوريين المتفائلين بالعهد الجديد في سوريا لجهة رغبته بالانفتاح الايجابي على الحالة الآشورية وعلى ظاهرة التعددية القومية التي يتصف بها المجتمع السوري.. ومن المتوقع أن يكون لاعتقال هؤلاء مضاعفات سلبية كبيرة على معنويات الآشوريين،خاصة اذا ما أدينوا بهذه التهم السياسية وحكموا بالسجن... لهذا كناشط آشوري سوري أطالب بطي ملف كل من الموقوفين ناهير و كبرئيل وتبرئتهم من التهم الموجهة اليهم واطلاق سراحهم ..
حقيقة،لا أجد سبباً يجعل السلطات السورية تستفز من رفع الأعلام والرموز الآشورية في احتفالاتهم الخاصة،والتي تعبر عن هويتهم وخصوصيتهم الثقافية والتاريخية، والتي هي جزء من الهوية الثقافية والوطنية للدولة السورية.وحق التعبير عن الذات هو من أبسط حقوق الانسان ،على الدولة احترام هذا الحق وصونه... 
بلا ريب، أن مثل هذه الاجراءات القمعية تؤكد من جهة، على أن السلطات السورية بدأت تتراجع شيئاً فشيئاً عن سياسية غض النظر التي كانت تنتهجها تجاه بعض النشاطات الشعبية والقومية للآشوريين.ومن جهة أخرى تؤكد على أن "الحكم البعثي" باق على نهج وسياسات التمييز القومي والثقافي والإقصاء السياسي للآشوريين والانتقاص من حقوقهم في المواطنة الكاملة.
طبعاً،لا اعتقد بأن مصادرة الحريات والاعتقالات التعسفية وغيرها من الاجراءات الأمنية هي خيارات مناسبة لحل المسالة الآشورية في سورية ومشكلة التعددية القومية عموماً...فمثل هذه الإجراءات "تسيء كثيراً لقيم وحقوق المواطنة،وهي لا تخدم مسيرة الوحدة الوطنية وعملية التماسك المجتمعي، لا بل أنها ستزيد من حالة الاحتقان وتقوي النزعات العصبية والتطرف في المجتمع السوري... 
فالوحدة الوطنية لا تبنى بالزجر والاكراه وانما بالاعتراف بالتعددية القومية والدينية والثقافية في سورية، وإطلاق الحريات السياسية وحل مشكلة القوميات على أسس ديمقراطية ووطنية عادلة وسليمة، وإلغاء جميع الاجراءات والمشاريع الشوفينية والقوانين الاستثنائية التي أضرت كثيراً بحقوق القوميات الغير عربية،مثل الآشوريين والأكراد.

الناشط الآشوري
سليمان يوسف
القامشلي ... 25 ايلول 2010