تقرير مشترك بعنوان" اللاجئ السوري ما بين الفرار من الموت والسقوط على مراكب الموت"

أنتبه, فتح في نافذة جديدة. صيغة PDFطباعةأرسل لصديقك

بيان مشترك

اللاجئ السوري ما بين الفرار من الموت والسقوط على مراكب الموت

منذ اواسط اذار عام 2011،ونتيجة تدهور الاوضاع الانسانية في سورية, ومع ازدياد الاشتباكات العسكرية والمواجهات الدموية وتزايد شراسة ووحشية وبشاعة أعمال العنف وتزايد انعدام الأمن في البلاد, فقد تزايد اعداد الفارين الى اكثر من 3 مليون انسان ، ويشكّل الأطفال والنساء حوالي أربعة من بين خمسة منهم,ويوجد حوالي 265,000 عائلة سورية لاجئة موجودة حالياً في لبنان والأردن ومصر والعراق وتركية، أي نصف العائلات السورية اللاجئة بأكملها. وفي بيان خاص لمفوض الامم المتحدة السامي لحقوق اللاجئين أنطونيو جوتيريس, ورد ان: "الازمة السورية أصبحت أكبر حالة طوارئ انسانية في حقبتنا ومع ذلك فشل العالم في توفير احتياجات اللاجئين والدول التي تستضيفهم.. وإن غالبية اللاجئون في دول مجاورة, فالعدد الأكبر لجأ الى لبنان (1.14 مليون) ثم تركيا (815000) ثم الاردن (608000). وهناك أيضا 215 ألفا في العراق والباقون في مصر ودول أخرى.. وتقدر الدول المضيفة ان هناك مئات الالاف من السوريين لجأوا اليها دون تسجيل رسمي... ان السوريين الان هم أكبر مجموعة لاجئين في العالم تحت رعايتها ويجيئون فقط في المرتبة الثانية بعد اللاجئين الفلسطينيين في صراع ممتد مع اسرائيل منذ عشرات السنين والذين يخضعون لرعاية وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة هي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

إن معسكرات لجوء السوريين ,حازت قدرا كبيرا من الاهتمام الدولي، بالرغم من أن أغلبية السوريين في بلدان اللجوء الاولى(مصر-تركية-الاردن-لبنان) لا يعيشون في تلك المعسكرات بل إن ما يقدر بنحو 75% من اللاجئين السوريين انتقلوا إلى المدن والبلدات حيث يعيش العديد من الأفراد في مساكن مؤقتة يشارك فيها على الأقل سبعة أشخاص آخرين؛ ولا يعيش معظم اللاجئين في المعسكرات لأنها لا تكفيهم من جهة، كما أن اللاجئين، من جهة أخرى، اختاروا الحياة في المدن خارج المعسكرات لأسباب أخرى: فبعض السوريين يستطيعون دفع ثمن كلفة الإقامة فيها، فيما يبحث آخرون عن العمل وهو ما لا توفره المعسكرات، كما تحركهم أيضا دوافع أخرى مثل وجود عائلة أو بعض أفراد جاليتهم بالإضافة إلى الغموض الذي يحيط بمستقبلهم.

ومن جهة أخرى، إن تدفق هذا العدد الكبير من اللاجئين المدنيين ساهم بالتأثير على حياة سكان العديد من الأحياء داخل البلد المضيف, وحتى التغيير في بعض معالم هذه البلدان. ففي بعض المدن، وخاصة التي تقع على الحدود السورية، تضاعف عدد السكان تقريبا. وفي بعض الاحياء(بعمان واربد وبيروت وطرابلس والقاهرة والاسكندرية واستنبول) ظهرت المخابز الجديدة، والمحال، ووكالات السفر والمطاعم التي يديرها السوريون فيما يشبه نسخة مصغرة من حلب ودمشق او حمص او درعا او القامشلي. ويدرك العديد من السوريين أنهم سيظلون خارج سورية على الأقل في المستقبل القريب ومن ثم فإنهم يرغبون في التكيف مع سكنهم الجديد (تشير بعض الاحصائيات في الاردن ولبنان وتركية, الى أن ما يقارب ال 86 في المائة من اللاجئين السوريين خارج المعسكرات يعملون وينشطون على اساس انهم باقون طويلا). وبالتالي، لم يعد السوريون في الخارج مجرد لاجئين ينتظرون نهاية الحرب ولكنهم مهاجرون يسعون للاستقرار.

وضعية اللاجئين السوريين

إن الاوضاع المعيشية الحالية لمعظم اللاجئين السوريين في لبنان والأردن ومصر سيئة جدا, وفي تركيا يتدهور ويزداد الحال سوءا بشكل مقلق وخاصة مع ازدياد وتيرة الاعتداءات على بعض اللاجئين السوريين. وعندما دخل السوريون(لبنان-الاردن-مصر- تركيا)للمرة الأولى في 2011، اعتبروا «ضيوفا».

وبتصنيف اللاجئين السوريين «ضيوفا»، اعتقدت الحكومات المضيفة أنها لن تصبح مضطرة إلى تطبيق المعايير الدولية لحماية اللاجئين وفقا لتعريف مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين الذي يوفر الأساس القانوني لبقاء اللاجئين في البلاد ويضمن ألا يجبروا على العودة إلى بلدانهم. ولكن الحكومات المحلية اضطرت إلى تغيير مسارها ومنحت وضع الحماية المؤقتة للاجئين السوريين(الاردنية في كانون الاول 2011-المصرية اذار2012-اللبنانية تشرين الثاني2012-التركيةتشرين الثاني 2011). كما تم منح الحماية المؤقتة للاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا.

وفي عام2013، اتخذت جميع الحكومات المضيفة خطوات إضافية ,عبر وضع انظمة قانونية جديدة لحماية ومساعدة راغبي اللجوء. ففي السابق، تعاملت الحكومات مع راغبي اللجوء دون أي ضمانات أو إجراءات قانونية موضوعية مثل الرقابة القضائية على القرارات الادارية الخاصة باللجوء, واليات تنفيذها,اما حاليا, وفي جميع البلدان المضيفة, صار اللاجئون السوريون ملزمون بالتعامل مع مؤسسات حكومية جديدة مختصة بإدارة الهجرة مع اللاجئين السوريين وتشرف على تنفيذ هذه القواعد القانونية الجديدة.

ولكن الحماية المؤقتة وكذلك القوانين الجديدة للجوء ما زالت تترك العديد من السوريين في وضع مزر، حيث لا يطبق القانون على نحو عادل، كما لا يجد اللاجئون الموارد إذا ما رفضت الدول منحهم وضع الحماية المؤقتة. ولا تعالج التعاليم القانونية المحلية الاوضاع غير القانونية للاجئين بالمدن والبلدات, حيث ان احتياجاتهم الحقيقية مجهولة بدءا: من الغذاء وصولا إلى الملجأ والتعليم. والأهم من ذلك، فإن وضع الحماية المؤقتة لا يسمح للسوريين بالعمل بسهولة في اماكن تواجدهم. فوفقا لمسح أجري مؤخرا للسوريين الذين يعيشون خارج معسكرات اللاجئين "في لبنان والاردن وتركية" فإن نحو 77 في المائة من المجيبين على المسح يبحثون عن عمل. ويجري استغلال حاجة السوريين إلى العمل في استغلالهم كقوى عاملة رخيصة وهو ما اتضح من الانخفاض المستمر لأجور العمال في صناعات مثل البناء والنسيج والصناعات الثقيلة والزراعة, و مؤخرا سمح بمنح بعض السوريين تصاريح عمل رسمية قصيرة المدى بالإضافة إلى التدريب المهني واستحقاقات الضمان الاجتماعي.

منذ اكثر من ثلاث سنوات, تستمر في سورية مناخات الحروب والعنف الدموي ,مع غياب أي افق للحل السياسي السلمي, وهذا سيساهم بتدفق اللاجئين والمهجرين قسريا والنازحين والفارين من اماكن القصف والاشتباكات الدموية, الى خارج الحدود وخاصة الى "تركية,ولبنان,والاردن"، مما يؤكد-وحتى الان- عدم وجود أية إشارة على أن السوريين ربما يعودون طواعية إلى بلادهم في ظل الفوضى السائدة هناك، مما يفترض انه من واجب الدول المضيفة, معالجة الوضع الدائم للسوريين داخل حدودها خاصة فيما يتعلق بأوضاع اللاجئين السوريين الذين لم يسجلوا لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أو الحكومة أو الذين لا يعيشون في معسكرات اللاجئين.وقد تعهد الاتحاد الأوروبي بتوطين حوالي ال 16 ألف لاجئ سوري, واعلن رئيس المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس ، أن 17 دولة وافقت على فتح أبوابها أمام اللاجئين السوريين الراغبين في الهجرة,، إن هذه البلدان يمكن أن تستقبل أكثر من 10 آلاف لاجئ يرغبون في مستقبل أفضل.والبلدان الـ17 هي أستراليا والنمسا وكندا وفنلندا وألمانيا والمجر ولوكسمبورغ وهولندا ونيوزيلندا والنرويج وإسبانيا والسويد وسويسرا والدنمارك وفرنسا والولايات المتحدة والمكسيك.

حقوق اللاجئين وفقا للاتفاقيات الدولية

اللاجئ ليس مختارا لواقعه و انما دفعته ظروفه القاسية الى الوضع الجديد فعليه ان يعيش في المنفى وان يعتمد على الاخرين في كثير من حاجاته الاساسية من طعام وملبس وتعليم ومأوى ورعاية صحية وغيرها.

والمشرد يختلف عن اللاجئ , ذلك ان الشخص المشرد يبقى في بلده لكنه يضطر الى ترك مسكنه الى مكان اخر اكثر امنا له كما هو الحال في افغانستان خلال فترة الحرب الاهلية وكما يحصل في العديد من البلدان وبخاصة الدول الفقيرة عند حصول الكوارث الطبيعية كالفيضانات والاعاصير والامطار الغزيرة .

ولا شك ان هناك علاقة وطيده بين مشكلة اللاجئين وقضية انتهاكات حقوق الانسان فهذه الانتهاكات ليست هي التي تدفع اللاجئين للهجرة و انما تمنعهم ايضا من العودة لأوطانهم طالما ان السبب الذي دفعهم للهجرة مازال قائما.

ان اي لاجئ له من الحقوق الاساسية التي ينبغي احترامها قبل عملية طلب الملجأ وخلالها وبعد ان يقبل كلاجئ حسب اتفاقية جنيف لعام 1951 و لهذا فان قضية اللاجئين صارت معيارا لاختبار الواجبات على الدول في احترامها لحقوق الانسان . وفي 3 ديسمبر من عام 1949 قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها المرقم 319 انشاء مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين ولديها الان فروع وممثليات في اكثر من 100 بلد وهي تسعى الى ايجاد حلول لمشكلة اللاجئين وتوطينهم او ادماجهم في المجتمعات الجديدة كما توصف وظيفة المفوض السامي بانها غير سياسية وهي ذات طابع انساني واجتماعي .ويحكم وضع اللاجئين في القانون الدولي اتفاقية جنيف لعام 1951 والبرتوكول الملحق بها الموقعة في نيويورك عام 1967 لتنظيم وضعهم .

لقد نصت المادة 1 من اتفاقية جنيف لعام 1951 على تعريف اللاجئ على انه :

(( تنطبق اللفظة على كل من وجد , نتيجة لأحداث وقعت قبل 1 كانون الثاني 1951 وبسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه او دينه او جنسيته او انتمائه الى فئة اجتماعية معينه او رأي سياسي , خارج البلد الذي يحمل جنسيته , ولا يستطيع , او لا يرغب في حماية ذلك البلد بسبب هذا الخوف , او كل من لا جنسية له وهو خارج بلد اقامته المعتادة السابقة ولا يستطيع او لا يرغب نتيجة لهذه الاحداث في العودة الية )).

وهذه الاتفاقية تضمن الحماية القانونية للاجئ وتوجب احترام حقوق الانسان الوارد في الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 وطبقا للاتفاقية المذكورة لا يجوز مطلقا طرد الاشخاص الحاصلين على اللجوء او اعادتهم بالقوة حيث تنص المادة 33 على ما يلي :

(( يحظر على الدولة المتعاقدة طرد او رد اللاجئ بأية صورة الى الحدود او الاقاليم التي فيها حياته او حريته مهددة بسبب عرقه او دينه او جنسيته او انتمائه الى فئة اجتماعية معينة او بسبب آرائه السياسية ))

اما برتوكول عام 1967 الموقع في نيويورك بخصوص اللاجئين فانه بموجب البرتوكول المذكور صار بإمكان اللاجئ طلب الحماية حتى في الاحداث الواقعة بعد 1 كانون الثاني من عام 1951 .

ومن الاتفاقيات الخاصة بوضع اللاجئين هي اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية الاشخاص المدنيين في وقت الحرب وبخاصة ما جاء في المادة 44 التي نصت على حماية الضحايا المدنيين وحماية اللاجئين والمشردين وكذلك ما جاء في المادة 73 من البرتوكول الاضافي لعام 1977 والتي تنص على حماية عديمي الجنسية وقد عرفت اتفاقية عام 1954 المتعلقة بوضع اللاجئ عديم الجنسية بما يلي: (( اي شخص لا تعتبره اي دولة مواطنا بموجب اعمال قانونها )). وهناك ايضا اتفاقيات اخرى لها علاقة مع اوضاع اللاجئين ومنها مثلا اتفاقية عام 1961 بشان تقليل حالات انعدام الجنسية واعلان الامم المتحدة لسنه 1967 بشان اللجوء الاقليمي الى جانب وجود صكوك اقليمية في افريقيا وفي اوروبا وامريكا اللاتينية وغيرها .

وطبقا للإعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقيات الخاصة باللجوء سالفة الذكر فان الشخص اللاجئ يستحق جميع الحقوق والحريات الاساسية المنصوص عليها في الصكوك الدولية لحقوق الانسان ومن هنا ينبغي حماية اللاجئ من هذا المنظور الانساني – الدولي الواسع ولا يجوز لأي دولة وقعت على الاتفاقية رفض الحماية للشخص اللاجئ والا فإنها تتحمل المسؤولية القانونية عن ذلك .

ويجوز عرض المساعدة للاجئ وترك حرية الاختيار له في العودة او البقاء وهذا يعني عدم جواز ابعاد اللاجئ جبرا الى وطنه وهو ما يسمى مبدأ عدم الرد او مبدا عدم الاعادة القسرية م 33 من اتفاقية جنيف 1951ولعل من اهم حقوق اللاجئ هو الحق في الحياة والحق في سلامة الكيان البدني من التعذيب وسوء المعاملة والحق في الحصول على الجنسية والحق في حرية التنقل والحق في مغادرة اي بلد ما والعودة اليه والحق في عدم الارغام على العودة هذا الى جانب الحقوق الاخرى كالتعليم والصحة والضمان الاجتماعي والتقاعد وغيرها .

وقد جاء في المادة رقم 3 فقره 1 من اتفاقية الامم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللاإنسانية او المهينة بخصوص مبدأ عدم الرد ما يلي :

( لا يجوز لأية دولة طرف ان تطرد اي شخص او ان تعيده او ان تسلمه الى دولة اخرى اذا توفرت لديها اسباب حقيقية تدعو الى الاعتقاد بانه سيكون في خطر التعرض للتعذيب ) كما ان على الدولة ان تراعي حالة الانتهاكات البليغة لحقوق الانسان في البلد المعني .

ويمكن ان تتم الهجرة او اللجوء احيانا لأسباب اقتصادية ولذلك تقبل بعض الدول هؤلاء لهذه الاسباب. اما الاساس الذي يقوم علية حق اللجوء السياسي فهو (( الخوف من الاضطهاد )) و ان المادة 33 نصت على ان كل ما يهدد حياة الفرد وحريته بسبب الاصل العرقي او الدين او الفكر السياسي او الجنسية او الانتماء الى فئة اجتماعية يعد سببا كافيا لطلب اللجوء السياسي الا انه ظهرت الان قيود متشددة لأحكام اتفاقية جنيف لعام 1951 ولنصوصها .

اللجوء الثاني: ومنها مراكب الموت

عندما يحاول اللاجئ من سوريا أن يباشر لجوؤه الثاني هربا من الاضطهاد أو شقاء الحال في بلدان اللجوء الأول، يصطدم بأسوار قانونية وأمنية شيدتها الدول الأوروبية حول حدودها لمنع الهاربين من المذابح من الوصول إليها. تبقى الهجرة غير الشرعية الملاذ الأخير، وإن كان «غير الآمن» بالنسبة إلى السوريين الهاربين من الموت في بلادهم، و«الذل» في بلد اللجوء، رغم كل الأخطار التي يتعرضون لها خلال الرحلة البحرية. وبعدما كانت تعدّ كل من بلغاريا وإيطاليا بلدي العبور الأساسيين باتجاه الدول الأوروبية، اتخذت الأولى قرارا بإغلاق حدودها بسياج شائك مع تركيا أمام اللاجئين السوريين قاطعة طريق الهجرة أمامهم، بعدما وصل عدد الهاربين إليها العام الماضي2013، إلى أكثر من 16 ألف شخص.

وإضافة إلى تركيا التي ينتقل اللاجئون منها إلى بلغاريا، تعدّ مصر ومن بعدها ليبيا من أكثر الدول التي تشهد هجرة غير شرعية للسوريين باتجاه إيطاليا، ومنها إلى بلدان أوروبية أخرى، وعندما يصلون إلى السواحل الليبية يتكدسون في مراكب لا تتوفر فيها شروط السلامة للمغامرة برحلة محفوفة بالمخاطر عبر البحر المتوسط باتجاه لامبيدوزا قبالة صقلية، أو مالطا «مقتلة» السورييّن, وهكذا ترد الأخبار بين حين وآخر عن غرق قارب في المتوسط كان يحمل المئات من اللاجئين من سوريا دفعوا مدخراتهم لبزنس تهريب مزدهر بغرض أن يصلوا إلى أوروبا. أما من ينجحون في الوصول فيتواتر أن يُحجزوا في معسكرات تشبه السجون لمدد قد تطول شهورا، ودون ضمان أن يتم الاعتراف بهم في النهاية كلاجئين, أن مراكب الموت من اجل الهجرة غير الشرعية, هي جريمة دولية منظمة مكتملة العناصر.

وتتزايد هذه الظاهرة بعد تعرض السوريين إلى مضايقات سياسية واجتماعية، وقد شهدت السنتان الأخيرتان حوادث غرق مراكب عدة لمهاجرين سوريين على الشواطئ المصرية والإيطالية والتركية ، بعضها أعلن عنها وبعضها الآخر لم تعرف تفاصيلها أو هويات المهاجرين. وسبق لمفوضية شؤون اللاجئين أن أعلنت أن أكبر مجموعة من المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا بحرا خلال 2013 هم من الجنسية السورية الذين تجاوز عددهم 11300 شخص.وأعلنت البحرية الإيطالية أن دورياتها في البحر المتوسط تعترض أعدادا لمتسللين يوميا، منذ أن كثفت السلطات الإيطالية عمليات المراقبة البحرية لمنع حدوث مزيد من حالات الغرق للمهاجرين غير الشرعيين في شهر تشرين الاول الماضي عقب حادثي غرق سفينتين ذهب ضحيتهما أكثر من 400 شخص.وكذلك في شهر أيلول الماضي، أعلن حرس السواحل الإيطالي أنه قام بإنقاذ زورق يحمل 171 لاجئا، بعدما أوشك على الغرق على مسافة نحو 40 كيلومترا قبالة كالابريا.وقالت السلطات الإيطالية إنه أنقذ جميع اللاجئين البالغ عددهم 359 قبالة صقلية وأن الأشخاص البالغ عددهم 171، الذين أنقذوا قبالة «كالابريا» هم من الجنسية السورية

فيما يتعلق بحقوق اللاجئين من سوريا ,نؤكد على الأمور الأساسية التالية:


اللجوء معضلة قانونية وإنسانية مصطنعة ليس لها عرق أو جنس أو دين. التمييز في الحقوق والضمانات بين اللاجئين على أي أساس مدان وغير مقبول. إن قضية اللاجئين من سورية، قضية انسانية أولا وسياسية ثانيا لأنها نتيجة صراع سياسي دموي وعنفي. اللاجئون رحالة بين الدول في بحث حثيث عن منفى يحفظ لهم كرامتهم الإنسانية. وهذا هو حال رحلة السوري نحو ملجئه كما هو موثق في الكثير من الدراسات والاحصاءات، ومن خلال التجربة العملية للنشطاء في الدول المختلفة. فإن كانت الدول والحكومات تنسق فيما بينها أمنيا في مراقبة الحدود، فإن هذا التنسيق غائب عن المنظمات الأهلية والنشطاء الذي يقدمون الدعم للسوريين في بلدان اللجوء المختلفة. وبالتالي فإن التضامن مع قضية اللاجئين من سورية يقتضي تنسيقا أوسع بين النشطاء والمنظمات الأهلية المعنية في مختلف الدول على طرق اللجوء عبر المتوسط والقارة الأوروبية.

إننا في المركز السوري لأبحاث ودراسات قضايا الهجرة واللجوء( Scrsia),والفيدرالية السورية لحقوق الانسان(fhrsyg), إذ نؤكد على تضامننا الكامل مع أسر الضحايا، نتوجه بالتعازي القلبية والحارة لجميع من سقطوا من المواطنين السوريين ، متمنين لجميع اللاجئين حياة آمنة، ومسجلين إدانتنا واستنكارنا لجميع من يحاول التجارة والاستثمار بحياة وروح السوريين ,واننا نعلن ما يلي:

1. مناشدة جميع الأطراف المعنية الإقليمية والدولية بتحمل مسؤولياتها تجاه شعب سوريا ومستقبل المنطقة ككل، ونطالبها بالعمل الجدي والسريع للتوصل لحل سياسي سلمي للازمة السورية وإيقاف نزيف الدم والتدمير.

2. دعوة جميع الأطراف الحكومية وغير الحكومية للعمل على لوقف الفوري لدوامة العنف والقتل ونزيف الدم في الشوارع السورية, آيا كانت مصادر هذا العنف وآيا كانت أشكاله ومبرراته.

3. حتى يحين وقف القتال وإيجاد حل سياسي, نناشد جميع الدول المضيفة بالالتزام بالقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين والحفاظ على حياة أولئك الذين يقدمون المساعدة لهم.

4. إن معاناة المواطنين السوريين، الفارين قسرا من جحيم الحرب في بلادهم، مسؤولية إنسانية وأخلاقية وحقوقية، يتحملها  المجتمع الدولي، ومراعاة ما يعانيه الشعب السوري من مآسي ودمار وخراب، حيث إن اللاجئين السوريين يعيشون في وضع مأساوي، يتفاقم بسبب الظروف المناخية الصعبة، وبسبب انسداد أفق الحل في بلدهم الأصلي، خاصة وأن معظم هؤلاء اللاجئين هم من النساء والأطفال.

5. إن الدول المضيفة معنية بشكل مباشر بضرورة احترام الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية اللاجئين، التي اعتمدتها الأمم المتحدة للمفوضين، بشأن اللاجئين وعديمي الجنسية خلال مؤتمرها في يوليوز 1951، ولا سيما المادتين 31 و33 منه.ولذلك فهذه الدول مطالبة بمزيد من المجهودات لتأمين الحماية والرعاية اللازمتين للاجئين السوريين، احتراما لتعهداتها القانونية والإنسانية، إزاء المنتظم الدولي، وتفعيلا لالتزاماتها بشأن تسوية وضعية المهاجرين.

6. أن مسؤولية اللاجئين السوريين تقع على الأمم المتحدة, والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أجل التدخل لحماية اللاجئين في أي دولة من دول العالم التي يلجأ إليها المهجرون من سوريا،وإن معاقبة اللاجئين بسبب دخولهم البلاد بصورة غير شرعية يتعارض مع نص وروح القانون الدولي لاسيما  المادة (31) من اتفاقية اللاجئين التي تنص على عدم معاقبة اللاجئ بسبب دخوله البلاد بصورة غير شرعية، إذا كان دخوله قد جاء مباشرة من مكان يتعرض فيه للخطر والتهديد، كما هو الحال في سورية.

7. القيام بتحرك دولي عاجل لتخفيف" العبء الاقتصادي والاجتماعي الذي تتحمله الدول المجاورة لسوريا التي بلغ عدد اللاجئين لديها نحو مليونين، وهذه الدول هي العراق والأردن ولبنان وتركيا ومصر.تقديم المزيد من الدعم المادي لهذه الدول، وتشجيع لم شمل العائلات في دول أخرى.

8. ان لا تهمل المشاريع في التعامل مع أزمة اللاجئين, والإصلاحات على قوانين اللجوء, تسهيلات اجراء السفر, وفتح أسواق العمل, لا أن تعمل فقط على هدف واحد هو: الحد من الهجرة

دمشق27\9\2014

1) المركز السوري لأبحاث ودراسات قضايا الهجرة واللجوء( Scrsia)

2) الفيدرالية السورية لحقوق الانسان(fhrsyg)